هب أهالي قرية "الكوم الأخضر" التابعة لمركز بلقاس بمحافظة الدقهلية، اليوم، لجني محصول القطن من أرض أحد أبناء قريتهم، بعدما تأخر عن جني المحصول نتيجة انشغاله الشديد بعدما تعرض نجليه لحادث أسفر عن وفاة أحدهما، وإصابة الأخر، وما زال يتلقى العلاج في المستشفى.
وعملا بأخلاق أبناء القرية، والعادات المصرية الأصيلة، عمل أهالي القرية بالمثل الشعبي "الناس لبعضيها"، وقرروا الوقوف بجانب ابن بلدتهم، فأعد أهالي القرية عدتهم لمساعدة جارهم، وأذن مؤذن في مكبرات الصوت بالمساجد بأن يخرجوا جميعا لجني القطن وتجهيز الغداء للعاملين في الجني، لأنه سيحتاج لوقت طويل، فأعدت بعض البيوت الغداء، بينما ذهب آخرون لجني القطن، ومجموعة ثالثة تعبئه في أكياس، والبقية ينقلون المحصول لمنزل صاحب الأرض.
وقال أحمد نصر، رئيس قرية الكوم الأخضر، إن "الأهالي عملوا بالأصول المعروفة بيننا، حيث أننا قرية صغيرة في أطراف الدقهلية، ونتعامل جميعا كأننا أسرة واحدة، وعندما تعرض ابنا (محمد الساهلولي) لحادث، خلال عودتهم من الأرض، الإثنين الماضي، ما نتج عنه وفاة أحدهم ونقل الآخر في حالة حرجة للمستشفى، وما زال بها حتى الآن".
واضاف نصر لـ"الوطن": "عقب الحادث شيع (الساهولي) جثمان نجله، وأصبح بلا سند، فالأول فقد في الحادث والآخر قابع في المستشفى، ولا يجد من يسانده، ووجدنا محصول القطن أصبح ناضجا ولا بد من جنيه، فقرر الأهالي المساهمة في التخفيف عنه، وساهم كل فرد من أهالي القرية بجزء من وقته".
وتابع: "عقدنا اجتماع وقررنا جني القطن بدون أي مقابل، وهذا ليس غريبا على أبناء القرية، فدائما نقف بجانب بعضنا البعض في المحن والشدائد"، مشيرا إلى أن ما حدث لم يكن المرة الأولى، ويتكرر دائما في الأفراح والمناسبات.
وقال حمدي علي، أحد أهالي القرية: "ليس غريبا علينا أن نساعد بعضنا البعض، وفي جني القطن يقف صاحب الأرض حتى يلاحظ أي قطن تم نسي جمعه، ولكن محصول (الساهولي) جُني كأفضل ما يكون، وجمعنا القطن ونقلناه إلى منزله".
وأضاف: "هذه الروح موجودة في القرية، ولكني شعرت في هذا الوقت أن الخير في القرية ما زال موجودا، فقد نسي الجامع عمله وبادر إلى المساهمة في جني القطن بأرض صاحب المصيبة، واستطعنا أن نخفف عنه مصيبته".