نوستالجيا يلا كورة.. الساحر الأبيض الذي علّم البرازيل فنون كرة القدم (بروفايل)
January 18, 2018 |
| تم التقييم بواسطة: Dina Aboelmaaref
ماذا لو ظهر اقتراح يقضي باختيار عاصمة لعالم كرة القدم؟ ربما لن يختلف اثنان على أن تكون تلك العاصمة هي "البرازيل"، الدولة التي اقترن اسمها على مدار عشرات السنين بالساحرة المستديرة، وأصبحت مصدرًا للمتعة في أوساط اللعبة الشعبية الأولى على سطح الأرض.
ارتبطت البرازيل ارتباطًا أبديًا بكرة القدم، لدرجة جعلت شائعة تجوب الأرض على مدار سنوات، وصدقها الملايين في مختلف أنحاء العالم، تقول أن الدائرة الزرقاء الموجودة في علم دولة البرازيل، هي رمز لكرة القدم، بينما هي في الحقيقة رمزًا للكون، بسمائه ونجومه، تتوسط العلم الأخضر، الذي تم تصميمه قبل أن تعرف البرازيل لعبة كرة القدم.
لم تعرف البرازيل لعبة كرة القدم حتى نهايات القرن التاسع عشر، وعاد الفضل في دخول اللعبة التي سيطرت على عقول وقلوب البرازيليين إلى شاب ينتمي لأصول اسكتلندية، ذهب إلى بريطانيا للدراسة، وعاد في عمر العشرين حاملًا معه أعظم هدية في تاريخ الدولة اللاتينية.
في سبعينيات القرن التاسع عشر، سافر الاسكتلندي جون ميلر للعمل في مشروع للسكك الحديدية بمدينة ساو باولو البرازيلية، وهناك ولد ابنه تشارلز عام 1974، وبعد 10 سنوات، قرر جون إرسال نجله إلى مدينة ساوثامبتون البريطانية، للدراسة في مدرسة بانستر، إلا أن تشارلز لم يكتف بالدراسة، ليمارس كرة القدم التي بدأت في السيطرة على شباب الإنجليز في تلك الفترة، ويُظهر موهبة نادرة في اللعبة جذبت أنظار الجميع.
أبهر تشارلز ميلر متابعيه في مدرسة بانستر بمهاراته المميزة في كرة القدم، ليقود فريق مدرسته إلى انتصارات ذاع صيتها، وهو ما أهله للانضمام إلى فريق سانت ماري "ساوثامبتون حاليًا"، ثم إلى منتخب مقاطعة هامبشاير.
رغم التألق في الأراضي الإنجليزية، قرر تشارلز ميلر أن يعود إلى البرازيل عام 1894، لكنه عاد مصحوبًا بحلم تعليم البرازيليين فنون كرة القدم، وكان مشهد نزول ميلر من السفينة في ميناء ساو باولو، حاملًا تحت ذراعيه كرتي قدم، وفي حقيبته نسخة من قواعد اتحاد كرة القدم في هامبشاير، معبرًا عن بداية حلم ميلر.
في نفس العام، نجح ميلر بصحبة توماس دونوهوي في إقامة أول مباراة لكرة القدم في تاريخ البرازيل، قبل أن يتفرغ لنادي ساو باولو الذي تأسس عام 1888، ويكوّن أول فريق كرة قدم في تاريخ البرازيل، ثم المساهمة في إطلاق أول نسخة لدوري كرة قدم في البرازيل عام 1902، بعد ظهور عدة فرق للنور في السنوات التالية لتأسيس ساو باولو.
تُوج ساو باولو بقيادة الساحر ميلر بالألقاب الثلاث الأولى للدوري البرازيلي أعوام 1902، 1903 و1904، وفاز ميلر بلقب هداف الدوري عامي 1902 و1904.
سيطرت كرة القدم تدريجيًا على جميع أنحاء البرازيل، وانتقلت من طبقة البيض ذوي الأصول الأوروبية، إلى السود أصحاب الأصول الأفريقية الذين تمتعوا بمهارات أبرز من أقرانهم القادمين من القارة العجوز، وظهر المنتخب البرازيلي للنور عام 1914، عندما لعب المباراة الأولى في تاريخه أمام الأرجنتين، وخسر المواجهة بثلاثية نظيفة في بيونس أيرس، قبل عامين فقط من المشاركة في النسخة الأولى لكأس أميركا الجنوبية "كوبا أميركا"، والتي حصل فيها المنتخب الذي لُقب لاحقًا بالسليساو على المركز الثالث.
شاهد ميلر ثمرة جديدة من ثمار حلمه، عندما تُوج منتخب البرازيل بأول لقب في تاريخه، بعدما رفع وسط جماهيره كأس أميركا الجنوبية للمنتخبات عام 1919، كما احتفل بالظهور الأول للبرازيل في كأس العالم، في النسخة الأولى التي احتضنتها أراضي أوروجواي عام 1930، وخرج المنتخب البرازيلي من الدور الأول بسبب الخسارة أمام يوجوسلافيا 2-1، بالرغم من اكتساح المنتخب البوليفي برباعية نظيفة.
في عام 1950، شهد ميلر البالغ من العمر 75 عامًا في ذلك الوقت احتضان البرازيل لنهائيات كأس العالم للمرة الأولى في التاريخ، وهو الحدث الذي سيطر على كل أنحاء البرازيل، وتحولت بفضله شوارع ريو دي جانيرو إلى كرنفالات لا تتوقف، إلا أن النهاية كانت درامية، بخسارة اللقب لمصلحة أوروجواي، لتشهد البرازيل أحد أكثر أيامها حزنًا على مدار التاريخ.
رغم الحزن الشديد، والليلة التي وُصفت في تاريخ البرازيل بالنكبة، إلا أن ميلر أدرك وقتها أنه حقق حلمه، بعدما تغللت كرة القدم في وجدان البرازيليين، وأصبحت الدولة اللاتينية قبلة عشاق الساحرة المستديرة في كل مكان، ليرحل ميلر عن الدنيا عام 1953، تاركًا واحدة من أهم البصمات في تاريخ الرياضة.
تعليق المقيم
كان من الأفضل استخدام مصطلح "الأوروبي" بدلا من "الرجل الأبيض".. في إشارة إلى البشرة الداكنة للقطاع الأوسع من مواطني البرازيل
تعليق الصحفي
No Comment
التقييم المفصل
هل أشار المحرر إلى المصدر في حالة النقل أو الاقتباس؟
أشار المحرر إلى المصدر في حالة النقل أو الاقتباس
هل فصل المحرر بين تعليقه والمحتوى الخبري المقدم للقارئ؟
خلط بين الرأي والمحتوى
هل نسب المحرر الصور إلى مصادرها؟
لم ينسب الصور لمصدرها
هل ذكر المحرر مصادر المعلومات الواردة بالمحتوى؟
لم يذكر مصادر المعلومات
هل تمثل المصادر المستخدمة بالمحتوى جهة واحدة من الرأي أم تعرض الرأي الآخر؟
جهة واحدةسرد المحرر
هل هناك معلومات خاطئة ضمن المحتوى؟
غير محدد
هل قدم المحرر تغطية كافية للموضوع؟
أشار المحرر إلى عدم تمكنه من الحصول على المعلومات الكاملة.
هل هناك تلاعب في المعلومات /أو في سياق عرضها؟
غير محدد
هل المحتوى المرئي المستخدم مناسب للموضوع؟
مناسب
هل يعبر العنوان عن مضمون المحتوى المقدم؟
يعبر عن المحتوى
هل العنوان واضح وغير متحيز؟
متحيز"الرجل الأبيض"
هل هناك أي تعميم في المحتوى؟
المحتوى خالي من التعميم
هل هناك أي إهانة /أو تشويه /أو تشهير لفرد أو مجموعة ضمن المحتوى؟
أشار المحرر لوقوع المصدر بـ (إهانة /أو تشويه /أو تشهير) بحق فرد أو مجموعةبذكر اللون في صدارة العنوان
هل هناك خطاب كراهية ضمن المحتوى؟
المحتوى خال من خطاب كراهية
هل هناك تمييز /أو تنميط ضد أفراد أو مجموعات ضمن المحتوى؟
سيتم تحسين تجربتنا على هذا الموقع من خلال السماح بملفات تعريف الارتباط. لمعرفة المزيد برجاء زيارة الصفحة الخاصة ب ملفات تعريف الارتباط أو سياسة الخصوصية