تسعى البنوك للتوسع في الخدمات المصرفية والمالية لجذب أكبر عدد من العملاء، ولتحقيق أهداف إستراتيجية الشمول المالي لضم كل فئات المجتمع في تلك المنظومة التي تستهدف دمج الاقتصاد غير الرسمي في المنظومة الرسمية للدولة ومعرفة حجم الكاش المتداول في السوق، بالإضافة إلى الحد من استخدام الأوراق النقدية، والاعتماد على الكروت البنكية في المعاملات والتحويلات المالية الكترونيا..
وأكد خبراء مصرفيون على أهمية التنوع في المنتجات المصرفية ومساعدة العملاء في توسيع حجم أعمالهم لتحسين مستوى معيشتهم، وتغيير ثقافة المجتمع للتعامل مع خلال الميكنة والحد من تداول الكاش في أيدي الناس ، مؤكدين ان التكنولوجيا سوف تساعد في الوصول لتلك الاهداف وتحقيق العدالة والمساواة بين كل فئات المجتمع في القاهرة والمحافظات المختلفة وحتى الحدودية منها، وذلك من خلال الاعتماد أكثر على الميكنة والرقمنة لكل المعاملات البنكية والمالية، وبالتالي سوف يساعد ذلك في القضاء على التلاعب والفساد والمضاربة بالعملة التي انتشرت مؤخرا بسبب وجود كاش بكميات كبيرة جدا في السوق..
الحالة الاقتصادية
وشدد طارق متولي الخبير المصرفي، على أهمية أن تصل كل الخدمات المصرفية والمالية لكل المصريين بجميع فئاتهم، حيث يجب أن يساهم هذا النوع من الخدمات في تحسين مستوى معيشة كل أفراد المجتمع، من خلال مساعدتهم في تطوير وتوسيع أعمالهم، موضحا أن دولة الهند استطاعت أن ترفع من الحالة الاقتصادية لمعظم فئات المجتمع، من خلال إتاحة تلك المنتجات المصرفية والمالية، باستخدام التكنولوجيا لتوفير منظومة دفع وتحصيل إلكترونية.
وأضاف في تصريحات صحفية خاصة لـ بوابة الأهرام-أن مصر بلد كبيرة وبها أكثر من 120 مليون نسمة، ولكي تتمكن البنوك من خدمة كل هؤلاء، لابد لها من فتح فروع كثيرة في جميع المحافظات، وهذا صعب جدا ومكلف، ولكن بالتكنولوجيا تستطيع البنوك تحقيق ذلك الهدف، وهو الوصول إلى كل فئات المجتمع، ومنحهم جميع الخدمات المالية والمصرفية التي تلبي احتياجاتهم في كل بقاع مصر، وحتى على الحدود في رفح، سوف يحصل المواطن المصري على جميع الخدمات المالية المتاحة لغيره في المحافظات الأخرى.
المال عصب الحياة
أوضح متولي أن الأموال هي عصب الحياة، وهي التي تغير من حياة الأفراد، لذلك لابد أن تسعى البنوك لدمج كل فئات المجتمع في منظومة الشمول المالي، ومساعدتهم في زيادة حجم أعمالهم بتوفير الفرص والدعم لتبني وتحقيق أفكارهم وتحويلها لمشروعات تؤدي الى تحسين مستوى معيشتهم، وبالتالي ينعكس ذلك على الوضع الاقتصادي للبلد.
وأشار إلى أن 35% فقط من المصريين لديهم حسابات بنكية، ونطمح أن نصل إلى أكثر من 70% أو80% الأمر الذي سيغير من شكل المجتمع، مشيرا الى دول كثيرة اعتمدت على الشمول المالي مثل الهند واستطاعت أن تٌغير حياة المجتمع الهندي للأفضل.
مجتمع رقمي
أوضح الخبير المصرفي أن التكنولوجيا سوف تساعدنا في هذا التحول من مجتمع نقدي إلى مجتمع رقمي، مؤكدا أن هذا التحول المهم سوف يقضى على تجارة العملة والفساد في المعاملات والتلاعب، وهذا ما فعله الغرب باعتماده على الرقمنة وميكنة جميع الخدمات، ومعرفة كل المعاملات التي تتم على الحسابات، وبالتالي استطاعة الحد من التلاعب بالأموال ومنع المضاربات .
ولفت طارق متولي إلى أن من يقومون بتجارة العملة، يتربحون بكثرة من هذه التجارة المحرمة التي تضر بالاقتصاد المصري، ويستخدمون أرباحها في شراء العقارات والسيارات، لذلك فإن الميكنة واستخدام التكنولوجيا المالية سوف تحد من مثل هذه الممارسات الخاطئة التي تضر بالاقتصاد وتكبده خسائر كبيرة.
الممارسات الخاطئة
أوضح أن الاقتصاد المصري يعاني من مشكلات كثيرة، منها التهرب الضريبي، ومصانع بير السلم التي تعمل في الخفاء، ولكن من خلال التحول إلى المنظومة الإلكترونية، تستطيع الدولة كشف تلك الممارسات الخاطئة، والقضاء عليها، موضحا أن الحكومة نجحت في جزء من هذا التحول الرقمي، ولكن يبقى المشوار طويلا، لأنها عملية مستمرة.
وأكد ان الجهاز المصرفي نجح أيضا في رفع نسبة من لهم حسابات بنكية من 20% إلى 35 % بفضل سعية المستمر في تلبية احتياجات شرائح المجتمع المختلفة وخاصة المرأة التي خصص لها برامج تساعدها على تحسين وضعها الاقتصادي، إلا أننا نحتاج إلى مزيد من الجدية في التحول الرقمي، وتعزيز ثقافة التعامل مع الميكنة في كافة المعاملات المالية، لأن الأمر جد خطير، ولابد أن يتكاتف المجتمع لتحقيق هذا التحول لمجتمع غير نقدي.
عمليات المضاربة
من جانبه أكد هاني أبو الفتوح الخبير المصرفي أن التكنولوجيا المالية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي يلعبان دورا متزايدا في الخدمات المصرفية الرقمية مثل تطبيقات الهاتف المحمول، والخدمات المصرفية عبر الإنترنت ما يحسن من كفاءة العمليات، موضحا أن من يعتقد أن التحول الرقمي في الخدمات المالية يمكن أن يحد من عمليات المضاربة التي يقوم بها البعض بسبب تداول الكاش في أيدي الناس، فإن هذا الافتراض في غير محله.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ بوابة الأهرام – أنه في ظلّ بيئة الأعمال الديناميكية، تُواجه البنوك ضغوطًا لتحسين خدماتها ومنتجاتها لتلبية احتياجات العملاء المتغيرة. لذلك تقوم البنوك بعمل دراسات وبحوث لفهم احتياجات العملاء حتى يمكن تحديد ديموغرافيات العملاء، وسلوكهم، وتوقعاتهم، واحتياجاتهم المالية. كما تقوم بفتح قنوات تواصل فعّالة مع العملاء لتلقي ملاحظاتهم واقتراحاتهم، ومن ثم تلبية احتياجات العملاء المختلفة من خلال تصميم الخدمات والمنتجات بأساليب سهلة الاستخدام وخطوات واضحة مع الاهتمام بالسرعة والكفاء في إنجاز المعاملات.
قنوات التواصل
أكد الخبير المصرفي، حرص البنوك على التواصل مع العملاء وتوفير قنوات تواصل مُتعددة مع الحرص على التعامل مع الشكاوى بشكلٍ سريع ومهني.
في إطار رؤية مصر 2030 لدعم التحول الرقمي، أصدر مجلس إدارة البنك المركزي المصري مجموعة من القرارات تتضمن إعفاء العملاء من كافة المصروفات والعمولات الخاصة بخدمات التحويلات البنكية للأفراد التي تتم من خلال القنوات الإلكترونية (الإنترنت والموبيل البنكي) بالجنيه المصري، وكذلك الإعفاء من كافة المصروفات والعمولات الخاصة بخدمات التحويلات لعملاء المنظومة الوطنية للمدفوعات اللحظية.
تحفيز الموطنين على استخدام الخدمات المالية الرقمية
تأتي هذه القرارات – التي تسري اعتبارًا من 1 يناير 2024- استمرارًا لجهود البنك المركزي المصري في تحفيز المواطنين على استخدام الخدمات المالية الرقمية، والاستفادة بما تقدمه من مميزات لإنجاز الخدمات المالية بسرعة ومن أي مكان وفي أي وقت، بما يساهم في التحول لمجتمع أقل اعتمادًا على أوراق النقد وتعزيز الشمول المالي.
كما أن المنظومة الوطنية للمدفوعات اللحظية- التي تم إطلاقها في إبريل 2022- تعد من أهم مشروعات البنية التحتية لنظم الدفع التي يرعاها البنك المركزي، لتكون بديلًا متكاملًا للمدفوعات النقدية يتيح كافة خدمات التحويلات للعملاء لحظيًا طوال أيام الأسبوع على مدار 24 ساعة. وقد شهدت المنظومة زيادة كبيرة في حجم المعاملات المنفذة من خلالها – بلغت 404 مليون معاملة بقيمة 815 مليار جنيه في عام 2023 من خلال تطبيق انستا باي (InstaPay) وقنوات البنك الإلكترونية- ووصل عدد مستخدمي الخدمة لما يزيد عن 6.5 مليون عميل.
لم يلتزم المحرر بحقوق الملكية الفكرية بعدم نسبه الصورة لمصدرها.
الدكتور طارق متولي، والدكتور هاني أبو الفتوح الخبراء المصرفيون، في تصريحات خاصة لبوابة الأهرام.