"ضل راجل ولا ضل حيطة"، هذا المثل لا ينطبق على الكثير من السيدات اللواتى أجبرتهن الظروف على الاستناد الى ضل الحيطة والكفاح خلفها لإتمام رسالتهن بعدما غياب الرجل لظروف مختلفة قد تكون الموت أو التخلى والزواج من أخرى أو السجن بعد ارتكاب أعمال مخالفة للقانون، كل هذه الظروف حولت الكثير من السيدات الى بطلات تحدين الظروف وأصبحن يستحققن تسليط الضوء على تجاربهن.
البداية مع صابرة على محمد، المقيمة بقرية الريان بمركز يوسف الصديق، وقد توفى زوجها وهى فى الخامسة والعشرين من عمرها وترك لها 3 بنات وولد.
تقول صابرة: "كان زوجى الله يرحمه مش بيخلينا محتاجين حاجة وأخذنى وسكننا فى هذه القرية وبنى لنا غرفة أقمنا فيها وكان يتركنا ويذهب الى عمله وفجأة أصيب "بالمرض الوحش" أو السرطان".
ولفتت الى أن الأطباء قرروا تحويل زوجها للعلاج بالقاهرة لكنه توفى بعد 17 يوما مضيفة :"لم يكن لدى أى مصدر للدخل وحينها ضاقت بى الدنيا وجاع أولادى ولم أكن أدرى ماذا أفعل خاصة أنه كان يفعل لنا كل شئ".
وتابعت: "مررت بأوقات ربنا ما يكتبها على حد حتى أتت جارتى وأشترت "فجل وجرجير" وقالت لى إجعليهم بجوارك وقومى ببيعهم وبالفعل بدأت ببيع الخصار بالشراكة مع جارتى وأصبحت كلما يرزقنى الله أزيد بضاعتى واستأذنت أخى ولكنه طالبنى بالزواج فاعترضت وقلت له أننى لن أترك أولادى لقد تركهم زوجى أمانة لى وليس لهم أحد الا الله وقررت "هبيع على أولادي" وظللت أبيع الخضار واستمريت فى بيع الخضار لأكثر من 20 سنة حتى زوجت بناتى وابنى الوحيد وبعد إنهاء رسالتى أوقفت البيع لإصابتى بآلام العظام "بعد شقا السنين".
ولفتت صابرة الى أن أصعب موقف واجهها فى حياتها عندما كانت بناتها يرغبن فى استكمال التعليم ولم تكن تمتلك أموالا لدفع المصروفات الدراسية لهم فجعلتهم يتركون التعليم.
وأضافت أنها كانت تبكى لعدم قدرتها على إطعامهم اللحوم مثل جيرانهم خاصة فى المواسم والأعياد.
وبكت صابره بعد تذكرها مشوارها الطويل الملئ بالوجع مؤكدة أنها تتمنى زيارة بيت الله الحرام لكنها لم تستطيع أن تدخر شيئا تذهب به الى هناك.
"حليمة عبد الوهاب محمد" السيدة الستينية ذات الوجه الجميل والعيون الخضراء لم يختلف وضعها كثيرا حيث توفى زوجها منذ 31 سنة وتركها وهى فى السابعة والعشرين من عمرها وترك لها 3 بنات وولد.
وعن ذلك قالت:"كانت ابنتى الصغرى أفكار رضيعة ومن الفقر لم ينزل لها لبن بعد وفاة والدها ففطمتها على الشاى ولقمة من العيش الناشف وقررت أن أشد عودى وأصلب ظهرى وأعمل عمل الرجال خاصة أننى كنت أتمتع بقدر من الجمال وكنت لا أريد أن يتطلع أحد للزواج منى حتى أربى أبنائى ولا أحرم منهم فبدأت فى الذهاب للحقول والعمل بالأجر فعملت فى جنى القطن و"تقريم البصل" وتنظيف الحقول من الحشائش الغريبة لدرجة أننى كنت أنام وأنا أعمل حتى كبر أولادى وأصبحوا يعملون معى فى الحقول فى جنى الطماطم والقطن حتى نجد قوت يومنا ولا نمد أيدينا لأحد طالبين المساعدة حتى كبر أبنائى وزوجت بناتى".
ولفتت حليمة الى أن موقف وقت مر عليها كان وقفة العيد حين كان أبناؤها يلعبون حولها دون أن تشترى لهم ملابس ولا طعام يجعلهم يشعرون بفرحة العيد وقالت:"نمت باكية وحلمت بزوجى يعطينى نقود وطالبته بالبقاء قائلة له "أنا تعبت"، ولكنه انصرف واستيقظت فوجدت فاعل خير يضع فى يدى 10 جنيه ويقول لى "كل سنة وانتى طيبة اشترى لحمة للعيال" وهى لحظة من الفرحة لا أنساها مدى حياتى.
أما منال صلاح فهى سيدة خمسينية تجلس على كرتونة صغيرة تمتلئ بالحلوى امام مدرسة ابتدائية بالفيوم وقد أكدت أن زوجها توفى من 18 سنة وترك لها بنتين وولد ولم يكن لديها أى مصدر للدخل وقررت أن تبيع أمام المدارس بعض الحلوى حتى تستطيع الإنفاق عليهم وبالفعل زوجت ابنتها الأولى من ابن عمها ولكنه طلقها وعادت للعيش معها وزوجت ابنتها الثانية أما ابنها فيجلس فى البيت بلا عمل ويطالبها بتزويجه بعدما وصل للثانية والعشرين من عمره وهى لا تمتلك قوت يومها وتسعى يوميا خلف رزقها على أمل ان يرزقها الله ب10 او 15 جنيها من بيع الحلوى.
ولفتت الى أنها اشتغلت بأعمال متعددة باحثة عن رزقها حيث عملت لفترة عاملة بحضانة مقابل 80 جنيها وبعد ذلك جعلوها تترك العمل لأنها ليست حاصلة على شهادة محو الأمية فبدأت فى مساعدة من يحتاجها من السيدات بالمنازل مقابل ما يعطونه لها حتى وافقوا على عملها بالحضانة مرة أخرى مقابل جلوسها لبيع الحلوى وذلك منذ 3 سنوات، وعلقت قائلة: "الحمد لله على كل حال أنا بس نفسى ابنى ربنا يهديه".
وضع "دنيا عزيز" كان مختلفا كثيرا حيث سجن زوجها بعد الحكم عليه بالسجن 25 سنة لاتهامه بواقعة سرقة وسطو مسلح تاركا لها 3 أولاد مع منزل غرفتين تقيم به مع أبنائها ولكنها قررت أن تحارب من أجل تربية أبنائها
وروت دنيا قصتها قائلة: "بعد تعرض زوجى للسجن حضر أهلى وطالبونى بترك أبنائى الى أهل زوجى وطلاقى من زوجى بعد سجنه لأنهم اعتبروها فضيحة لهم وكذلك فوجئت بأهل زوجى يطالبونى بترك بيتى لبيعه وسداد ديون زوجى أو ترك أبنائى لهم والذهاب الى منزل والدى ووجدت الكل يريدون تفريقى عن أبنائى فما كان منى إلا أننى هددتهم بأنهم إذا أجبرونى على ترك أولادى سأقوم بإذابة سم قاتل لأشربه أنا وأولادى حتى نموت فتركونى ورفعوا أيديهم عنى وهنا بدأت طريقي".
وأضافت دنيا:"ذهبت لأحد أصحاب السوبر ماركت وأعطيته 380 جنيه أتقاضاهم شهريا من معاش تكافل وكرامة واشتريت منه عدد من كراتين الشيبسى والكاراتيه والحلوى ووضعتهم أمام منزل وأنفق من مكسب بيعهم على أبنائي".
ولفتت دنيا الى أنها تحرص على تعليم أبنائها وأن يكونوا أفراد صالحين فى المجتمع وتحرص على اصطحابهم للمسجد لحفظ القرءان وحضور دروس العلم متابعة:"سأحارب من أجل أولادى".
اما بسمة ناصر محمد فتركها زوجها بعد أن تزوج عليها فلم تجد أمامها الا العمل بأشغال الطاقية الصوف والتى تقوم بصانعتها يدويا وبيعها مقابل 10 جنيهات للواحدة وبذلك تستطيع توفير المال للإنفاق على أبنائها خاصة أو والدها متوفى وليس لديها مصدر للدخل.