لم تغب عن ذاكرة الأجيال التي عاصرت طفولتها الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، تلك البهجة التي غلفت المناسبات السعيدة وعلى رأسها عيد الفطر وعيد الأضحى.
الزمن كان يوثق بطبيعته للمناسبة بنوع من الاحتفال تملأ جنبات الحياة، الشوارع والبيوت والراديو والتلفزيون حتى الهواء الذي تستنشقه كان يخبرك أنه العيد فاستمتع.
العيدية
قبل أن تتحول العيدية إلى واجب مجتمعي بغيض، وقبل أن تفقد الفلوس قيمتها، كانت تلك العملات الفضية لها بريق خاص، ولها سحر في اليد لا يشعر به حاملو بطاقات الائتمان في زمننا الحاضر، ويا حبذا لو تحولت تلك الفضيات إلى عملة ورقية، تلك هي السعادة الكبرى، خاصة وأن الجنيه الواحد كان بإمكانه أن يحقق كل الأحلام البسيطة لطفل يلهو يوم العيد.
نوستالجيا العيد فيأحمد سيد، من العياط، يحكي أن ذكرياته مع العيد في الطفولة كانت مبهجة إلى الحد الذي لا ينسى معه تلك اللحظة عندما يخرج من المسجد يتلقى التهنئة من جميع الأقارب والجيران، ويربت على كتفه الجميع ويقبلونه ويهنئونه حتى يشعر أن العيد عيده وحده فقط.
سعادة حقيقية
يقول أحمد البالغ من العمر 29 سنة، إن أكثر عيدية جمعها في طفولته كانت مبلغ 100 جنيه، وكانت قيمتها وقتذاك تعادل 1000 جنيه أو أكثر مقارنة بالأيام الحاضرة.
يتذكر أحمد أن لحظات اللهو والفرحة كانت على طبيعتها أكثر من أي وقت، اللعب بمسدسات المياه، والبلالين والكرات الملونة، أهم اللحظات العالقة بذهنه.
نوستالجيا العيد فيفي الصباح كانت التكبيرات على ألسنتنا لها وقع موسيقي عذب، لم نكن ندرك بعد تلك القدسية والروحانية الملتبسة بها، لكننا لا نخفي أنها كانت أجمل من كل الأغنيات والأناشيد التي تعلمناها.
ليلة العيد وسعد نبيهة
صوت أم كلثوم لا يزال يشدو في وجداننا، ما الذي يجبر طفل لم يبلغ عامه العاشر أن يستمع إلى أم كلثوم، سوى أن الكلمات كانت تنبئ بالعيد "يا ليلة العيد آنستينا".
بروموهات التلفزيون الذي اقتصر على قناتين أو 3 قنوات بالكثير، كانت لا تتوانى عن الزج بالفنانة صفاء أبو السعود في كل البيوت لتخبرنا أن "العيد فرحة .. وأجمل فرحة"، وبالتالي "سعد نبيهة بيخليها ذكرى جميلة لبعد العيد".
نوستالجيا العيد فيكان هذا الـ"سعد نبيهة" المجهول لدينا جميعا، بطلا حقيقيا يطل علينا من بين كلمات الأغنية كل عام يحمل معنا البهجة والسرور دون أن نسأل عن ماهيته وعلاقته بالعيد، إلى أن كبرنا وتتبعنا الكلمات واكتشفنا وهمية الشخصية التي ساقتها إلينا تركيبة الكلمة الحقيقية "سعدنا بيها"، ما يعني فرحتنا بتلك المناسبة.
نوستالجيا العيد فيفيلم هندي
بعد أذان الظهر مباشرة، تميز التلفزيون المصري بعرض فيلم هندي خلال أول أيام العيد، المشهد أمام التلفزيون كان أشبه بسينما صيفي، جميعنا نجلس بتركيز شديد نتفاعل مع تفاصيل - ربما تكون مملة - لكنها بالنسبة لنا متفردة في الإثارة والتشويق، ربما لأنها مناسبة تتكرر مرتين في العام.. يحكي محمود السعيد.
يضيف محمود 32 سنة، أن الأفلام التي عرضتها القنوات المصرية في العيد لا تغيب عن ذاكرته، ومنها فيلم الشعلة وعمار أكبر أنتوني للنجم الكبير أميتاب باتشان.
نوستالجيا العيد فيمسرحية في المساء
السهرة كانت حافلة بمسرحية من بين "العيال كبرت - مدرسة المشاغبين - عش المجانين - ريا وسكينة- الواد سيد الشغال"، وعلى الرغم من تكرار العرض وحفظ التفاصيل والإفيهات لكننا اضطراريا كنا لا نستطيع تفويتها.
كان العرض الخاص للمسرحية يوم العيد له مذاق خاص، وكأنها في حلة جديدة سيقت لنا خصيصا، الابتهاج كان حقيقيا والضحك كان من القلب.