المصري اليوم
79%
نسبة التقييم

«القطاع غير الرسمى».. هل تهزم الحكومة أباطرة الظل؟

«القطاع غير الرسمى».. هل تهزم الحكومة أباطرة الظل؟
تسعى الدولة فى الفترة الأخيرة إلى ضبط وضعها المالى من خلال خفض فاتورة النفقات وتعظيم الإيرادات مع الحفاظ على الأوضاع الاجتماعية للمواطن، وتعد عملية دمج القطاع غير الرسمى للمنظومة الرسمية بمثابة الوصفة السحرية لتحقيق هذه المعادلة الصعبة، حيث تساهم فى زيادة إيرادات الدولة دون الحاجة لاتخاذ إجراءات تشددية من رفع ضرائب أو خفض دعم، وذلك من خلال خفض الفاقد الضريبى من اقتصاد الظل، بالإضافة إلى الحفاظ على عدالة المنافسة مع مشاريع القطاع الرسمى عن طريق ضبط أسعار وجودة ومواصفات المنتج، الأمور التى تجعل مشكلة الاقتصاد غير الرسمى من أبرز القضايا المطروحة فى برنامج الحكومة الجديد «مصر تنطلق» الذى يقوم على استكمال الجزء الثانى من الخطوات الإصلاحية.



وتعانى مصر من تنامى اقتصاد الظل، حيث يمثل فى مصر نحو 40% من حجم الناتج المحلى الإجمالى وهو ما يُقدر بـ1.8 تريلون جنيه، وفقا لتصريحات رئيس الوزراء السابق شريف إسماعيل نهاية العام الماضى، وهو ما يعكس حجم الاستثمارات الهائلة التى تدار تحت مظلة هذا الاقتصاد بشكل غير رسمى الذى ينتشر داخل قطاعات العقارات والزراعة والتعدين والتجارة، حيث أن 64% من جملة الأصول العقارية فى مصر غير مقننة، كما تقدر المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر التى تعمل بصورة غير رسمية بنحو 82% من إجمالى المنشآت، الأمر الذى يجعلنا نلقى نظرة أوسع على القطاع غير الرسمى من كونه يتمثل فى باعة جائلين أو صغار الموزعين، ونشمل بالنظر كبار مستثمرى اقتصاد الظل والمصدر الرئيسى لصغار التجار والموزعين.

وفى استطلاع رأى أجراه «المصرى اليوم الاقتصادى» على 50 مستثمرا يملكون أنشطة غير رسمية منتشرين فى العديد من الأماكن أبرزها منطقة شق التعبان، ومنطقة كرداسة، ووسط القاهرة، تبين أن نحو 20% فقط من هؤلاء المستثمرين أجروا محاولات فاشلة للانضمام للمنظومة الرسمية للدولة.

فقد حاول بعض هؤلاء المستثمرين الانضمام إلى المظلة الرسمية، وإنهاء الإجراءات القانونية، ولكن بلا جدوى، حيث أن المشكلة الأساسية لديهم لا تتمثل فى الأوراق المطلوبة من السجل التجارى والبطاقة الضريبة، ولكن تكمن المشكلة على حد قولهم فى أن الدولة لا توفر لهم الدعم المناسب سواء بشكل نقدى، أو على مدخلات الإنتاج من طاقة ومواد خام بما يجعل من انضمامهم لمنظومة الدولة عبئا إضافيا يؤثر على سعر المنتج النهائى.

بينما لم يحاول 80% من هؤلاء الانضمام للاقتصاد الرسمى، بتفضيلهم العمل بعيدا عن أعين الدولة؛ لتجنب دفع الضرائب وتراخيص الكهرباء وما بها من أعباء على العملية الإنتاجية، وبعض المستثمرين لا يريد تحمل تكاليف تأمينات العمال، فيما تعتمد فئة أخرى على دفع رشاوى لحملات التفتيش من جانب الحكومة.

أما عن مدى معرفتهم بمزايا الانضمام للقطاع الرسمى فى الدولة وبالتالى بدء التفكير فى الأمر، فقد أكد 26% من هؤلاء المستثمرين أنهم على دراية شبه تامة بفوائد الاندماج فى منظومة الدولة، وأبرزها إمكانية الاستفادة من تمويلات البنوك والمبادرات المقدمة من القطاع المصرفى، وإمكانية التصدير، مع التمتع بإعفاء ضريبى لفترة، وكان أحد أراء الشركات المرخصة فى استيراد وتصدير الزواحف فى منطقة كرداسة أنها انضمت للقطاع الرسمى من أجل التوسع والتصدير، ولكنها واجهت الكثير من العوائق فى التصدير والكميات المصدرة، مما ترك لديها صورة سلبية عن هذه المميزات.

بينما أكد 54% من المستثمرين المستطلعة أراءهم أنهم لا يعلمون شيئا عن مزايا الانضمام فى المنظومة الرسمية للدولة، بسبب عدم وصول التوعية الحكومية لديهم.

بينما أشار 20% من العينة أنهم يعلمون بعض من هذه المزايا، وحددوا خيار «إلى حد ما» حول الإجابة على هذا السؤال.

وفيما يخص الخطط المستقبلية للانضمام للقطاع الرسمى، أكد 66% يملكون خططا مستقبلية إيجابية، وتتوافر لديهم النية للدخول تحت المظلة الرسمية مستقبلا، حيث يمثل تكبير حجم النشاط والتصدير للخارج دافع قوى للانضمام، بالإضافة إلى تفادى حملات التفتيش، واقترح أحدهم أن تقوم الدولة والغرف التجارية والصناعية بدور الوسيط بينهم وبين الأسواق الداخلية والخارجية، حيث تتولى عملية توزيع وتسويق منتجات هذه المصانع، وهو ما يدعم توسعها فى الإنتاج وتوجهها للدخول تحت المظلة الرسمية.

بينما أكد 34% من العينة أنه لا يوجد جدوى حقيقية من الانضمام لمنظومة الدولة باعتبار أنها تمثل عبئا إضافيا على تكلفة الإنتاج والتشغيل الخاصة بمنشآتهم، فى المقابل لا تحمل أية مزايا حقيقية تحفزهم على اتخاذ هذا القرار.

وتؤكد نتائج هذا الاستطلاع أن استراتيجية التعامل مع القطاع غير الرسمى تحتاج إلى تطوير مؤسسى يشمل بناء الثقة بين المستثمر والحكومة، بالإضافة إلى حدوث بعض التغيرات فى آليات الترويج لمزايا الانخراط فى المنظومة الرسمية للدولة، فعلى سبيل المثال قام معهد الحرية والديمقراطية، فى أمريكا اللاتينية وبالتحديد فى بيرو، بمساندة مالية وفكرية ومعنوية من الهيئة الأمريكية للتنمية الدولية، بتنفيذ مشروع (تسجيل الأعمال للشركات Business form)، بغرض إضفاء الطابع الرسمى على المشروعات التى تعمل خارج الشكل القانونى، وفى الفترة بين عامى 1991 و1994، تم جذب 275 ألف مشروع للقطاع الرسمى، بالإضافة إلى إنشاء 105 ألف شركة جديدة، وقد وفرت هذه المشروعات 550 ألف فرصة عمل جديدة، وزادت من حصيلة الضرائب بنحو 1.2 مليار دولار.

فيما أوضح محمد أبوالعينين رئيس اتحاد مستثمرى العرب ورئيس الشعبة العامة للمستثمرين بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن القطاع غير الرسمى ضخم ولا يمكن تجاهله حيث يمثل تقريبا 30% من المنتجات المحلية فى السوق، وهذه النسبة تشير لوجود عددا من العمالة بالقطاع غير مؤمن عليهم فى حاضرهم من تأمينات ولا مستقبلهم من معاشات، بالإضافة إلى عدم تطبيق معايير السلامة فيما يخص الصناعات الغذائية، مما يعود بضرر بالغ على صحة المواطن.

وأضاف أبوالعينين أن تأثير القطاع غير الرسمى واضح، وأضر كثيرا من المستثمرين وأصحاب المصانع الرسمية، وذلك يرجع لارتفاع تكاليف المشاريع الرسمية، نتيجة لالتزامهم بالمعايير والمواصفات المحددة لإنتاج السلع، وما تتطلبه من خامات معينة، وطرق للتصنيع تكون أكثر أمانا، بجانب ما تحتاجه من دعايا وتسويق، بالإضافة إلى تحمل تكاليف التأمينات الاجتماعية للعاملين، وكذلك الضرائب التى تتحملها هذه المشروعات، موضحا أن كل هذه التكاليف تزيد من سعر المنتج النهائى مقارنة بالمنتج غير الرسمى الذى يبتعد عن كل هذه التكاليف، لذلك تغزو السوق المحلية المنتجات غير الرسمية، وينجذب إليها المستهلك لانخفاض سعرها.

وذكر «أبوالعينين» أن الدولة يجب عليها اتباع خطة متكاملة؛ لجذب القطاع غير الرسمى، من خلال توفير سبل لتقنين هذه المشروعات، منها توفير أراض مجانية فى المجمعات الصناعية المطروحة مؤخرا للمصانع غير الرسمية، مع إلزامهم بمواصفات معينة للحفاظ على جودة المنتجات المصرية، واقترح تحديد مهلة 3 سنوات بدون أعباء لكى تتمكن هذه الشركات من تنظيم أوضاعها ماليا وتسويقيا.

وقال حسن عبد العزيز رئيس الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء، إن الاقتصاد الموازى بقطاع المقاولات يعد أحد القطاعات الهامة للدولة، حيث يساعد على امتصاص جزءا كبيرا من البطالة، بجانب مساهمته فى توفير العديد من الوحدات السكنية وتقليل فجوة الطلب الموجودة بالسوق، خاصة فى ظل طفرة نمو القطاع عقب ثورة يناير فى 2011، نتيجة غياب الدور الرقابى للدولة، الأمر الذى استمر لعدة سنوات مما هيأ المناخ للمقاولين غير الرسميين فى التعدى على أراضى الدولة والأراضى الزراعية وزيادة عدد العقارات غير المرخصة بطريقة مهولة.

وأشار إلى أن 45% من المقاولين العاملين غير مسجلين بسجلات الدولة أو باتحاد المقاولين وذلك حسب تقديرات الاتحاد، وأضاف أن هذه النسبة التى تمثل الجانب غير الرسمى بالقطاع لا تساهم فى الحصيلة الضريبية للدولة، أو سداد التأمينات الاجتماعية، مما يؤدى إلى إهدار حقوق الدولة والعاملين بالقطاع، كما تقوم بتصدير صورة سيئة عن المهنة؛ وذلك لعدم التزامهم بالمعايير الفنية للعقار مما يسبب انهياره، كما حدث فى العديد من المناطق السكنية خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى ما يسببونه من إهدار لموارد الدولة الاقتصادية.

وأوضح أنه على الرغم من انتشار هذا الشكل من الاقتصاد غير الرسمى فى أنحاء الجمهورية إلا أنه يتركز بشكل كبير فى المناطق الريفية والعشوائية، مؤكدا أن السبب الرئيسى لتزايد معدلات التشييد والبناء غير الرسمى يرجع إلى ارتفاع معدلات الفساد بالمحليات، وعدم تطبيق القانون وتفعيله من قبل الجهات المنوطة كاللجان الفنية بوزارة الإسكان ولجان الرقابة بالمحليات والمجتمعات العمرانية.
تعليق المقيم
مجهود مشكور- التقرير كان بحاجة لمزيد من الرسوم التوضيحية الإثرائية (انفوجراف ورسوم بيانية)، خاصة وأنه يتناول شق اقتصادي يتضمن أرقاما وإحصاءات
تعليق الصحفي
No Comment
التقييم المفصل
هل أشار المحرر إلى المصدر في حالة النقل أو الاقتباس؟
أشار المحرر إلى المصدر في حالة النقل أو الاقتباس
المحتوى كاملا من كتابة ونسق محرر الجريدة، وذكر به جهات ومصادر التصريحات والمعلومات الواردة بشكل واضح ومباشر
هل فصل المحرر بين تعليقه والمحتوى الخبري المقدم للقارئ؟
فصل التعليق
بمقدمة المحتوى
هل نسب المحرر الصور إلى مصادرها؟
لم ينسب الصور لمصدرها
هل ذكر المحرر مصادر المعلومات الواردة بالمحتوى؟
ذكر مصدر المعلومات
تم نقل النص من المصري اليوم 2018-07-15 16:38:54 تصفح أصل المحتوى
أبرز الأخطاء
تمييز
حقوق الإنسان
تمييز
75%
المصداقية
عنوان مضلل
75%
الاحترافية
صورة بدون مصدر
100%
نشرة أخبار ميتر
للاطلاع على تقييمات المواقع الأكثر شعبية وأبرز الأخبار الكاذبة.
نحن نهتم بحماية بياناتك. اقرأ سياسة الخصوصية
//in your blade template