بوابة صحيفة الفجر
90%
نسبة التقييم

رمضان بطعم الحزن.. كيف يمر الشهر الكريم على أسر افتقدت ذويهم؟ (فيتشر)

رمضان بطعم الحزن.. كيف يمر الشهر الكريم على أسر افتقدت ذويهم؟ (فيتشر) حل شهر الخير والبركة، الذي تجتمع فيه العائلة على مائدة واحدة، تلك التي نلتف حولها في انتظار أن نتشارك لحظات الإفطار والأجواء الروحانية التي يخلقها رمضان من كل عام، حتى حفظناها عن ظهر قلب، وارتبطت في قلوبنا وعلقت في أذهاننا بأشخاص افتقدناهم لأول مرة هذا العام، ليصبح الكرسي فارغًا ويفتقد الصحن لصاحبه، فتتحول الضحكات إلى بكاء والأحاديث إلى صمت. "رمضان من غير شهيدنا هيكون بالدموع"، كانت هذه أولى الكلمات التي نطقت بها هانم فراج، لتصف لنا مشاعر أسرتها بحلول الشهر الكريم لأول مرة مفتقدين فيها لأخيها البطل أسامة فراج، الشهير بلقب "أسد المعركة"، والذي اختاره القدر أن يكون من شهداء العريش في أحداث كرم القواديس عام 2017 الماضي. وبعين تتلألأ بداخلها الدموع، وقلب يحترق بكاءا على الفقيد، تروي "فراج" المشاعر المؤلمة التي تنتابهم مع استقبال الشهر الفضيل، حيث الفرحة الناقصة والتي لن تكتمل بعد اليوم، ليصبح الصبر هو حيلتهم الوحيدة للتعايش مع الألم الذي يزداد مع فقدانهم لذكريات شهر رمضان برفقته:"هنام إزاي ونطمن إن حد هيدخل علينا بالسحور ويصحينا، وهنستنى مين لما يرجع من الصلاة عشان نفطر معاه؟". وبمرور مختلف المناسبات للمرة الأولى دون أن يتواجد بينهم، تزداد مشاعر الاشتياق للفقيد والتي يصحبها الألم، فقد ترك الشهيد أسامة في قلب أسرته، حزنًا عميقًا أفقد عائلته طعم المناسبات وفرحة قدومها المُعتادة: "رمضان هيكون بطعم الحزن". ليست وحدها المشاعر الموجعة التي خيمت على عائلة الشهيد أسامة فراج هي الأصعب في رمضان، ففي منزل محمد حمدي، مقعدًا فارغًا كانت تملؤه عمود المنزل وأساس المائدة التي تجمع شمل العائلة، وهي والدته، فمع قدوم شهر الفضيلة، أصبح يبحث حزنًا بقلب مشتاق على لمساتها التي خلدتها في كل أركان البيت، من استعدادات وتجهيزات اعتادوا عليها لرمضان. ينفطر قلب "حمدي" رغم تجاوز عمره الخمسون عامًا، على والدته التي يرى أن رحيلها حرمه أجمل ذكريات الشهر التي اعتاد عليها كل عام: "أول رمضان من غيرها، كانت تنتظر رمضان من السنة إلى السنة وتعد الأيام وتقطع ورق النتيجة وهي فرحانة كل ما يقرب"، يصمت قليلًا في محاولة منه لاستعادة هذه الأيام، حينما كان يجلس بجوار أمه لتدعو له ولأخواته وأبنائه، فينبعث الدفء تلقائيًا إلى قلبه. يتذكر جيدًا تفاصيل هذه الأيام وكأنها تحدث أمام عينيه اليوم، تلك اللحظة عندما كانت والدته تجلس أمامه منهمكة في قراءة القرءان بعد صلاة العشاء وحتى تبزغ الشمس، استمرت على هذا الحال لسنوات طويلة من عمرها حتى أرهقت عينيها وواجهتها مصاعب في القراءة، فلجأت حينها لسماع القرءان من الراديو وترديده خلف القارئ في سرها. تملك الحزن من قلب الرجل الخمسيني، بعد افتقاد النكهة التي كانت تضيفها روح والدته الطيبة على أول كل رمضان، فكانت حريصة على دعوة أبنائها بأسرهم لمنزلها أول الشهر، لتعد لهم كل مالذ وطاب بالرغم من كبر سنها ومرضها. "من سأزور وأتكلم معه حتى قرب المغرب ويسمعني بكل حب واهتمام، ويفرح بزيارتي في مثل هذا الوقت، ومن إذا أحسنت يثني علي، وإذا أسأت يرشدني بحكمته؟"، تساءل محمد حمدي، بهذه الكلمات عما سيواجهه في شهر الثواب، حيث ترك رحيل والدته أثرًا كبيرًا في نفسه، فكانت الوسيلة التي تقربه من الله ببرها، والتي انتهت برحيلها، دون أن يجد ما يقدمه عوضًا عن برها إلى الله ليحصد الثواب. وبداخل أسرة عبدالحميد محمد، يعيش أفرادها شهرًا غير عاديًا، حيث يمر رمضان للمرة الأولى عليهم دون الجد، الذي كان بمثابة الأب له ولأخوته وأمه، خاصةً بعد وفاة والدهم منذ سنوات، حيث كان أول من يحرص على الاتصال بحفيده ليهنأه بحلول الشهر الكريم، وهو الحدث الهام الذي اعتاد أن ينتظره سنويًا، إلا أن انتظاره هذا العام كان مختلفًا، فلا جدوى منه. شريط كامل من الذكريات مر أمام عيني "محمد" الحزينتين، والذي توقف عند أول أيام شهر رمضان قبل وفاة جده، حينما اعتاد أن يصطحبه إلى مسجد عمرو بن العاص لصلاة التراويح والفجر:"كان بيقولي لما أموت تعالى ادعيلي هنا". لم تختلف مشاعر الشاب العشريني المحملة بالذكريات كثيرًا مع مي عصام، فبالرغم من انفصال والديها، لتقضي حياتها مع والدتها، إلا أن مرور شهر رمضان لأول مرة دون الاجتماع بأبيها، وسماع صوته في الهاتف قبل آذان المغرب بدقائق معدودة ليمازحها كعادته، جعل من الصعب تخيل مرور هذه المناسبة الدينية المحملة بالكثير من الذكريات لها برفقته، دون أن يتشاركها معها هذه السنة. يتمزق قلب المرأة الثلاثينية، قهرًا على فراق والدها في مثل هذه المناسبة، حيث اعتادت أن يصطحبها إلى حي السيدة زينب مسقط رأسه بعد تناول الإفطار، إلا أن اليوم لم يعد هناك من يحيي معها هذه العادة السنوية، فلم يتبق لها سوى الذكريات لتمدها بالقوة التي تمنحها الاستمرار في الحياة بدونه.
تعليق المقيم
لمحة إنسانية، كان ممكنا إكمالها بتناول نفس المشهد والأحاسيس مع عائلات شهداء الثورة والعمليات الإرهابية.
تعليق الصحفي
No Comment
التقييم المفصل
هل أشار المحرر إلى المصدر في حالة النقل أو الاقتباس؟
أشار المحرر إلى المصدر في حالة النقل أو الاقتباس
هل فصل المحرر بين تعليقه والمحتوى الخبري المقدم للقارئ؟
خلط بين الرأي والمحتوى
هل نسب المحرر الصور إلى مصادرها؟
لم ينسب الصور لمصدرها
هل ذكر المحرر مصادر المعلومات الواردة بالمحتوى؟
لم يذكر مصادر المعلومات
تم نقل النص من بوابة صحيفة الفجر 2018-05-20 08:35:11 تصفح أصل المحتوى
أبرز الأخطاء
صورة بدون مصدر
حقوق الإنسان
جيد
90%
المصداقية
جيد
90%
الاحترافية
صورة بدون مصدر
90%
نشرة أخبار ميتر
للاطلاع على تقييمات المواقع الأكثر شعبية وأبرز الأخبار الكاذبة.
نحن نهتم بحماية بياناتك. اقرأ سياسة الخصوصية
//in your blade template