الوطن
98%
نسبة التقييم

المتحف البشرى فى المنصورة: وداعاً للفورمالين والإهمال وإغماءات طلاب الطب (فيتشر)

المتحف البشرى فى المنصورة: وداعاً للفورمالين والإهمال وإغماءات طلاب الطب (فيتشر) أصبح اليوم بإمكان طلبة الطب بجامعة المنصورة أن يكملوا مسيرتهم الدراسية لجسم الإنسان بكفاءة واقتدار، بعد إنجاز الكلية بإنشاء متحف التشريح، الذى جرى افتتاحه مؤخراً، ويضم جميع أجزاء الجسم البشرى محفوظة داخل جارات ومعروضة للأساتذة والطلبة. «المتحف البشرى» الذى يشرف عليه الدكتور محمد صلاح الدين حامد، أنهى عصر المعامل التى كانت تنبعث منها رائحة «الفورمالين» النفاذة المستخدمة فى حفظ الأجزاء الآدمية، والتى تبقى عالقة بالملابس لفترة طويلة، فضلاً عن التطور الذى يشهده المتحف الجديد على خلاف المتاحف القديمة التى تسبب إغماء للطالبات لمجرد رؤية الطالبات للجسم البشرى مُحنطاً. ويُعد المتحف الجديد مرجعاً لجسم الإنسان، ويستطيع أى طالب بكلية الطب الاسترشاد به خلال الدراسة، كما يقدم المتحف كافة المعلومات الدقيقة عن الجسم البشرى لطلاب الدراسات العليا، ولذلك تم وضع الأجزاء بتفاصيل دقيقة ويوضع عليها ملصق يبين التفاصيل الدقيقة ويقدم المتحف كافة المعلومات لجميع الأقسام العلمية والإكلينيكية. ليصبح المتحف البشرى أحد معالم الكلية. «الوطن» تفقدت المتحف، وحاورت الطلبة وأعضاء هيئة التدريس، واستعرضت الأجزاء الآدمية المخصصة للدراسة، ومنها ما هو تحت الإعداد والتشريح. يضم أجزاء جسم الإنسان بالكامل مزودة بتفاصيل دقيقة للدراسة كل جزء من أجزاء جسم الإنسان معروض فى صندوق زجاجى «جار» شفاف على قاعدة متحركة، وبجواره «الكتالوج» الخاص بالعينة وشرح واف عنها، لكى يتعلم عليها طلاب الطب، ويستعين بها بعض الأطباء والأساتذة قبل العمليات الجراحية، كل هذا فى «متحف كلية الطب جامعة المنصورة البشرى»، الذى أصبح واحداً من أهم المتاحف البشرية فى مصر، والذى تم الانتهاء من تطويره وتغيير طريقة العرض الموجودة به، بعد أن أفنى الدكتور محمد صلاح الدين حامد، الأستاذ المتفرغ، والمشرف على مشرحة كلية الطب جامعة المنصورة، جزءاً كبيراً من حياته حتى يصل المتحف للصورة التى وصل إليها الآن، وهو ما جعل مجلس الكلية يقرر إطلاق اسمه عليه. هذه ترابيزة الرأس والمخ، وهذه ترابيزة الأطراف العلوية وبجوارها الأطراف السفلية، ثم الجذع وما يحتويه من كبد وأمعاء وكليتين ورئتين وقلب، أما الجزء المغطى فهو الأعضاء التناسلية، لا يتم كشفها إلا لمن يدرسها، وكل هذه أعضاء بشرية لأشخاص توفاهم الله منذ سنوات أو عقود. «الهدف الرئيسى أن يتعلم الطلاب، سواء فى مرحلة البكالوريوس أو الدراسات العليا، فكما أن الميكانيكى لن يجيد عمله إلا إذا علم كل شىء عن مكونات السيارة، وبدون هذا لن يكون ماهراً فى عمله، نفس الحكاية فى أى تخصص فى الطب، سواء الجراحة أو الباطنة، أو الرمد، وجميع التخصصات، كل شىء موجود هنا، ونريد أن تصل المعلومة إلى الباحث عنها بكل سهولة، ومع ذلك أقول إننا لم نصل إلى كل ما نريده، ولا يزال أمامنا الكثير»، هكذا يتحدث الدكتور محمد صلاح حامد، بكل حماس عن المتحف فى صورته الجديدة التى لم يعتد عليها طلاب الطب فى مصر. مشرف مشرحة كلية الطب: أطباء يفاجأون بأشياء فى جسم الإنسان أثناء العمليات يتذكر الدكتور محمد صلاح، منذ 25 سنة عندما «كانت توجد أجزاء بشرية فى مشرحة الكلية، وكانت تأتى جثث كاملة، ونشرح عليها للطلبة، وبعد أن ننتهى من الشرح نضعها فى براميل بها فورمالين لتحفظها، وكان بإمكان أى طالب أن يمسك الجثة، ويمكن أن تتمزق فى يده، وكنا نضع كل هذا فى غرفة التحنيط، وكل برميل ممتلئ بالأجزاء والجثث، وكانت هذه الأجزاء تتلف، فنصلى عليها وندفنها حسب الشرع». يقول «صلاح»: «أنا أحمد ربنا أن أعطى لى هذه الفرصة أن نصل بالمتحف للصورة التى وصلنا إليها، ويمكن لنملة أن تهد جبلاً مع الوقت، ونحن كنا نعمل مثل النملة، وهذا نتاج ما لا يقل عن 25 سنة، ولم يظهر عملنا قبل ذلك بهذا الشكل لعدم وجود الأرضية التى تظهره، وإدارة الكلية أعطت لنا الإمكانيات بلا حدود، واستغللنا هذا الوضع وأظهرنا شغل السنوات الذى شارك فيه زملاء كُثر، وكان دورى أنى أبرزت محتويات هذا المكان، فلا يصح إلا أن نضعها فى أحسن صورة ممكنة»، ويتابع الأستاذ المشرف على مشرحة طب المنصورة: «عندما نسافر أى مكان، سواء فى داخل مصر أو خارجها، فى الغالب نجد جسم الإنسان موجوداً فى صورة لا تليق به أو بحرمته على الإطلاق، وكل ما عملناه، سواء بالنسبة للمكان أو التجهيزات أو العينات، وضعناه فى صورة تليق بخلق الله سبحانه وتعالى، الذى كرمه الله، وأقل شىء أن نُكرم خلقه بعد وفاته، وهذا موجود للتعليم، وهو العذر الوحيد الذى نتمسك به لتعليم الطلاب، ومن يحيى نفساً كأنما أحيا الناس جميعاً، وأى طبيب أياً كان تخصصه وله ضالة فى جسم الإنسان يجدها هنا فى هذا المتحف»، ويؤكد «صلاح» أن البعض لا يعرف كثيراً عن هذا المكان والموجود فيه، ولا يصدقون أنهم سيجدون ضالتهم فيه، ولكنهم يغيرون فكرتهم تماماً بعد أول زيارة، «ونحن هنا نتعامل مع حرمة الله، ونتعامل مع وضع سنكون فيه مستقبلاً، وفيه الآن أمهاتنا وأصدقاؤنا وهو «الموت»، ولا نقبل إلا أن يعاملوا بكل كرامة وحفاوة، من أول «الجارات» أو الصناديق الزجاجية التى توضع بها العينة، من نقاوة ونظافة مستمرة، والقاعدة والترابيزة التى عليها الجارات، وهذا هو هدفنا، والهدف الرئيسى أن يتعلم الطلاب»، ويضيف: «نريد الآن توضيح ما هو موجود بصورة أسهل وأفضل، إما بالأطالس أو بالبيانات الموجودة بجوار كل عينة، وهذا ما نعمل عليه فى المرحلة المقبلة». يرفض «صلاح» ما يُقال عن أن المتحف لا توجد به جثة كاملة، قائلاً: «لدينا جثة كاملة على بعضها من العينات، ابتداء من الرأس إلى آخر جزء فى القدم، وهناك الأحشاء والأعضاء داخل الجسم بصورتها الطبيعية، وباقى الجثة الطرف السفلى، وموجود لدينا 3 عينات للطرف السفلى بالكامل، ولدينا 7 أطراف علوية، و3 أطراف سفلية كاملة، ولكن لكى نضع الجسم كاملاً لن تكون درجة الاستفادة منه كبيرة، فالطالب يذاكر على كل جزء، والطرف السفلى مثلاً لدينا مجزأ إلى عدة أجزاء، من الفخذ والرجل والقدم والركبة والمفاصل، كل شىء منفصل، ومقسم إلى مناطق، وكل جزء له بياناته وقائمته، ومطبوعة بالليزر، وكل «جار» على قاعدة متحركة من «الاستانلس ستيل»، وقائمة البيانات والصورة التى تعبر عنه وبالألوان، ولو الصورة ليست على المستوى اللائق من الوضوح يتم تغييرها للأفضل. خلال جولة «الوطن» داخل المتحف، وجد الدكتور «صلاح» ورقتين على الأرض ألقاهما أحد الطلاب، فنزل بنفسه وأخذهما بيده بتلقائية شديدة، وقال: «شغلنا هنا من أول الدكتور حتى العمال والموظفين أن نعمل أفضل ما يمكن لدينا من النظافة والإتقان»، وأضاف: «كل ترابيزة عليها جزء معين من جسم الإنسان، ونعمل قائمة بمحتويات كل ترابيزة، وهذا يحتاج مجهوداً، وأقوم بترتيب بعض القوائم وطباعتها فى البيت، وأحضرها معى، وشعارنا هنا لا يوجد شىء صعب»، ويضيف: «طريقة العرض توضح جسم الإنسان بطريقة شديدة الوضوح وشديدة النقاء، والعينات شديدة النظافة، وهذا غير متوافر فى أى مكان آخر، سواء كان داخلياً أو خارجياً، وهذا ما يميز هذا المكان عن غيره، ويظهر قدرة ربنا سبحانه وتعالى ومعجزاته وفضله الذى لا يعد ولا يحصى، ونحن نحاول أن نعطى له الشكر الواجب، وأن نحافظ على خلقه، ونظهره فى صورة طيبة، وهذا هو الفارق بيننا وبين أى إنسان خارج مصر ليس له علاقة طيبة بالخالق سبحانه وتعالى»، ويؤكد «صلاح» أن دراس الطب أو الطبيب أو العالِم لا يستغنى عن هذا المتحف، حيث يوجد فارق كبير بين التدريس النظرى والعملى، مثلاً فى «جار» الركبة، لو لم ير الدارس هذا المكان أمامه إذا عمل فيه بالمناظر لا يعرف كيف يتحرك معه، ونادراً ما يمكن أن ترى مثل هذا المنظر الموجود عندنا فى أى مكان آخر، ولدينا 3 جارات للشريان التاجى، وإحنا محظوظين أن يكون لدينا هذه الأشياء، وبعضهم يفاجأ بأشياء فى جسم الإنسان أمامه أثناء العمليات الجراحية، ولو جاء هنا لزيارتنا فى المتحف ما فوجئ بها إطلاقاً»، وأوضح أن الكلية تستورد بعض العينات الجاهزة، مجموعة منها جاءت من ألمانيا، ومجموعة أخرى من الصين، وبعد ما تسلمناها أنا ضبطتها، لأنها جاءت غير واضحة، وتأتى لنا العينات ونشتغل فيها، ونُعيد تشريحها، ونُزيل طبقة السيلكون من عليها، ونحن نستوردها للتدريس عليها لكنها لا تنفع للتدريس إلا إذا ضبطناها من الأول، وهناك عينات آدمية عملت عليها بالشهور، حتى العينات التى كانت مشرحة لم تكن بالوضوح الموجودة عليه الآن، وأحافظ عليها فى جارات، وأستمر فى الإصلاح فى كل عينة عدة مرات، حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه، وهذا حصاد سنوات كثيرة حتى قبل ما أحضر لهذا القسم. يخالف الدكتور «صلاح» الآراء التى تتبنى فكرة أن الطالب لا بد أن يقوم بتشريح الجثة بيده، قائلاً: «الطالب لن يستفيد شيئاً من أن يُمسك العينة بيده، أو يشرح بيده، وإنما سيستفيد عندما يرى بعينيه، منطقة معينة متشرحة جاهزة وواضحة وضوح الشمس، وأين توجد الشرايين، والعصب فين، والعينات الآن موجودة بشكل واضح، ونحن نتعامل مع جسم الإنسان وله حرماته، ولا ينفع أنه بعد الدفن نُخرجه من المقابر، ونحن لا نقبل هذا، ووجود المتحف يجنبنا كل هذه المخالفات». ويذكر «صلاح» أن فكرة متحف المنصورة بدأت تُنفذ حالياً فى كلية الطب البيطرى بالمنصورة، بعد أن شاهدوا ما فعلناه مع جسم الإنسان وأرادوا نقل الفكرة عندهم وتكريم الحيوان أيضاً، فجميعها خلق الله، وحالياً بدأنا فى عمل جارات لطلبة الطب البيطرى، فقد كانوا يذبحون الحيوان «فأر أو كلب أو حمار» مثلاً، ويشرحونه ويرمونه، وينسون أننا نتعامل مع خلق الله، وحالياً أنا أشرح لهم مخ حمار وأضع له بيانات، ووضعته فى «جار» لحفظه، وأعتقد أنها ستكون بداية لإنشاء متحف عندهم أيضاً.
التقييم المفصل
هل أشار المحرر إلى المصدر في حالة النقل أو الاقتباس؟
أشار المحرر إلى المصدر في حالة النقل أو الاقتباس
هل فصل المحرر بين تعليقه والمحتوى الخبري المقدم للقارئ؟
خلط بين الرأي والمحتوى
هل نسب المحرر الصور إلى مصادرها؟
نسب الصور لمصدرها
جولة لـ"الوطن"
هل ذكر المحرر مصادر المعلومات الواردة بالمحتوى؟
ذكر مصدر المعلومات
تم نقل النص من الوطن 2018-04-14 12:16:45 تصفح أصل المحتوى
أبرز الأخطاء
خلط بين الرأي والمعلومة
حقوق الإنسان
جيد
98%
المصداقية
جيد
98%
الاحترافية
خلط بين الرأي والمعلومة
98%
نشرة أخبار ميتر
للاطلاع على تقييمات المواقع الأكثر شعبية وأبرز الأخبار الكاذبة.
نحن نهتم بحماية بياناتك. اقرأ سياسة الخصوصية
//in your blade template