المصري اليوم
96%
نسبة التقييم

«وثائق سرية» بريطانية: «مبارك رفض التنازل عن حقوق الفلسطينيين مقابل استرداد سيناء» (ريبورتاج)

«وثائق سرية» بريطانية: «مبارك رفض التنازل عن حقوق الفلسطينيين مقابل استرداد سيناء» (ريبورتاج) نشر موقع «بي بي سي»، الإثنين، وثائق بريطانية قال إنها سرية، حول تعرض الرئيس الأسبق، حسني مبارك، لضغوطات قوية، بعد حوالي 4 شهور من توليه الحكم، لتقديم تنازلات، تشمل مقايضة على حقوق الفلسطينيين، مقابل استكمال إسرائيل انسحابها من سيناء التي كانت قد احتلتها في حرب يونيو عام 1967. وحسب الوثائق، فإن مبارك رفض بشدة ضغوطًا أمريكية ويهودية وإسرائيلية تحدث عن بعضها خلال مباحثاته مع رئيسة الوزراء البريطانية، مارجريت ثاتشر، قبل 77 يوما فقط من موعد استكمال الانسحاب الإسرائيلي في 25 إبريل 1982. وتكشف الوثائق، التي حصلت عليها «بي بي سي» بمقتضى قانون حرية المعلومات في بريطانيا، أن ثاتشر أيدت موقف مبارك، وأدركت «حرصه على حماية مصالح العالم العربي الأوسع وحقوق الفلسطينيين». واستعرض مبارك مع ثاتشر بعض الضغوط التي مارسها عليه اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، وفق ما جاء في محضر لقاء الزعيمين يوم 6 فبراير عام 1982 في مقر ثاتشر الريفي. وبحسب الوثائق التي استعرضها الزميل عامر سلطان في تقريره على BBC، فإن مبارك زار بريطانيا لمدة يومين في طريق عودته من زيارة للولايات المتحدة، ركزت مباحثاته فيها على عملية السلام في الشرق الأوسط المتعثرة. وحسب محضر مباحثات مبارك وثاتشر، فإن الرئيس المصري الأسبق أبلغ الزعيمة البريطانية بأن «زعيم الجالية اليهودية في أمريكا حثه على الموافقة على بقاء بعض المستوطنين الإسرائيليين في ياميت بعد الانسحاب الإسرائيلي»، وهو «ما رفضه» مبارك. وفي تفسيره لموقفه، عبر مبارك عن اعتقاده القوي بأن مصر تحلت بقدر كاف من الشجاعة من أجل تحقيق السلام، بينما لم تتخذ إسرائيل الموقف نفسه. وقد «جادل مبارك بأن مصر اتخذت سلسلة خطوات شجاعة لتحقيق السلام. وشجاعتها الآن استنفدت. والدور على إسرائيل الآن كي تظهر بعض الشجاعة»، وفق المحضر. وتشير الوثيقة إلى أن ثاتشر بدت مدركة للضغوط القوية على القيادة المصرية من جانب اللوبي اليهودي الذي وصفته بأنه «أقوى وأكثر اللوبيات مهنية في العالم». وضربت مثالًا بموقف هذا اللوبي من انتقادها لهجوم إسرائيل على المفاعل النووي العراقي في 7 يونيو 1981. كانت ثاتشر قد انتقدت، في كلمة أمام مجلس العموم (البرلمان) البريطاني، الضربة الجوية الإسرائيلية في يوم حدوثها، وعبرت عن «الفجيعة» إزاءها. وجاء موقف ثاتشر بعد أن سبقها الرئيس الأمريكي رونالد ريجان في انتقاد الضربة. وهنا اتصل اللوبي اليهودي برئيسة الوزراء البريطانية، كما يكشف محضر مباحثات مبارك وثاتشر، ويقول: «حينئذ بدأ اللوبي اليهودي عمله وجادل بأن العمل الإسرائيلي كان ضربة عسكرية وقائية كلاسيكية». وأبلغت ثاتشر مبارك بأنها «تلقت رسالة من الجالية اليهودية في نيويورك محذرة إياها بأن تكون حريصة في كلامها لأن الرأي في أمريكا بشأن الغارة يتغير». غير أن الوثيقة تؤكد أن ثاتشر لم تغير موقفها «فقد ردت مكررة التأكيد على وجهة نظرها بأن العمل الإسرائيلي كان خطأ من حيث المبدأ». وقالت إنها «تكن تعاطفا هائلا مع إسرائيل في بعض النواحي». وأضافت: «لمدة 2000 سنة، حافظ اليهود على حلمهم في إنشاء دولة حيا. وهم شعب فريد لكن التعامل معه صعب للغاية». ومضت رئيسة الوزراء البريطانية لتبلغ مبارك بتأييدها لموقفه من المفاوضات مع إسرائيل، وقالت بوضوح: «نجادل باستمرار قائلين إنه من الخطأ أن تطالب بالسلام وتقرير المصير داخل حدود آمنة لنفسك ما لم تعترف بها للآخرين. يجب علينا أن نواصل قولنا هذا». وسجل السكرتير الخاص لرئيسة الوزراء البريطانية محضر المباحثات التي استمرت ساعة وثلث الساعة، وشدد على الالتزام بتوزيعه على عدد محدود للغاية من الجهات منها السفارة البريطانية في القاهرة. وكانت السفارة قد بعثت إلى الخارجية البريطانية بتقرير معلوماتي تحليلي مفصل عن سياسات مبارك الداخلية والخارجية قبيل زيارته لبريطانيا. وجاءت الزيارة في خضم مباحثات صعبة بين مصر وإسرائيل بشأن الحكم الذاتي للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، تطبيقا لبنود اتفاق كامب ديفيد بين القاهرة وتل أبيب، الذي أبرم في 17 سبتمبر عام 1978، بعد زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات التاريخية للقدس. وتناول التقرير موقف مصر من المباحثات، ونبه الخارجية البريطانية إلى أن «أميالًا تفصل بين موقفي الجانبين في مباحثات الحكم الذاتي». وفيما يتعلق بتقديره للموقف المصري، أكد أنه «ليس لدى المصريين نية لبيع مصالح الفلسطينيين، سواء قبل أو بعد 25 إبريل». وجاء الموقف المصري الصارم، رغم حرص مبارك في ذلك الوقت على أن يتحقق الانسحاب الإسرائيلي باعتباره أحد أهدافه المهمة. ويقول التقرير: «يظل الانسحاب الإسرائيلي النهائي من سيناء في 25 إبريل، الذي كان يفترض أن يكون تتويجًا لإنجاز السادات، أول وأهم هدف لسياسة مبارك الخارجية». وفي برقية أخرى إلى إدارة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا في الخارجية البريطانية، أكدت السفارة البريطانية في روما أن وزير الخارجية المصري كمال حسن على أكد خلال مباحثاته مع المسؤولين الإيطاليين أنه «لا يمكن أن يكون هناك أي رابط بين الموعد المستهدف للحكم الذاتي الفلسطيني و25 إبريل». وجاءت زيارة علي لروما بعد زيارة لإسحاق شامير، وزير خارجية إسرائيل إلى القاهرة والتي أُعلن بعدها أنه تمت تسوية كل المشكلات الباقية أمام الانسحاب الإسرائيلي من سيناء، غير أن الوزير المصري أبلغ الإيطاليين، كما تقول برقية السفير البريطاني، بأن شامير طلب إجراء تعديلات على الحدود المصرية في سيناء مع إسرائيل كي يمكن للإسرائيليين البقاء بشكل ما في شبه الجزيرة. وأشارت البرقية إلى أن الوزير المصري «قال بصرامة إن أي طلب إسرائيلي لتعديل الحدود، أيا يكن ضآلته، لن يكون مقبولًا لدى مصر». كما أبلغ علي الإيطاليين بأن «الحدود حُددت في عام 1906 وتأكدت وقت الانتداب البريطاني في فلسطين». وأضافت البرقية أن علي «شدد بإصرار على أن أي تفاهم مصري إسرائيلي بشأن الحكم الذاتي الفلسطيني لن يشكل أي إجحاف بالوضع النهائي للأراضي المحتلة». وقد أثيرت هذه المسألة في مباحثات ثاتشر ومبارك الذي أبلغها قائلا إن «الإسرائيليين حثوا، في مرحلة مبكرة، على ضرورة التوصل إلى اتفاق الحكم الذاتي (للفلسطينيين) قبل 25 إبريل». نُقل عن مبارك قوله إن مصر ردت بأنه «عندما طلبت في الأصل أن يرتبط الانسحاب (من سيناء) بالحكم الذاتي، رفض الإسرائيليون. فلماذا تُبعث هذه الفكرة من جديد الآن؟» وأضاف أن إسرائيل لم تجب. وتابع يقول إن بلاده «قالت حيئنذ إنها سوف توافق على إعلان مبادئ (بشأن الحكم الذاتي) معقول ومقبول، لكن هذا لا يمكن أن يرتبط باستكمال الانسحاب». ويشير محضر المباحثات، التي حضرها إلى جانب مبارك وزير خارجيته، وأسامة الباز المستشار السياسي للرئيس، وحسن أبوسعدة سفير مصر في لندن آنذاك، إلى تأييد بريطانيا لموقف مصر. ويقول: «عبرت رئيسة الوزراء عن وجهة نظرها بأنه من الصائب رفض الربط لأن هذا يمكن أن يعرض الانسحاب نفسه للخطر». وحسبما جاء في محضر المباحثات، فإن رئيسة الوزراء البريطانية قالت: «عندما زار الرئيس مبارك المملكة المتحدة آخر مرة، كان يساورنا قلق إزاء الخطوات التي سوف تلي استكمال الانسحاب. ولا يزال القلق قائما. ونحن نعلم أن الرئيس مبارك يرغب في أن يكون واضحا بأنه يعمل من أجل مصالح العالم العربي الأوسع». وأشادت بتصريحات مبارك في واشنطن قائلة: «لقد لاحظنا باهتمام خطبه الصريحة في واشنطن والتي ذهب فيها لمدى أبعد، فيما يتعلق ببعض جوانب عملية السلام، من أي متحدث مصري سابق». وفي السياق نفسه، شدد مبارك لثاتشر على أن الانسحاب الإسرائيلي الكامل من سيناء لن ينهي وحده المشكلة في الشرق الأوسط. وقال، حسبما يشير محضر المباحثات: «المشكلة المركزية هي مشكلة الفلسطينيين. وقد أبلغ (مبارك) خلال زيارته لواشنطن الحكومة الأمريكية بأنه لا يمكن أن يكون هناك حل شامل دون حل المشكلة الفلسطينية». وحين زار مبارك بريطانيا، كان ألكسندر هيغ، وزير الخارجية الأمريكي في هذا الوقت، يقوم بما عُرف حينها بجولات مكوكية في الشرق الأوسط سعيا للتوصل إلى إعلان مبادئ يتعلق بالمفاوضات بشأن القضية الفلسطينية. وحينها، تحدث هيغ عن إعلان مبادئ تصدره مصر وإسرائيل. غير أن مبارك أكد خلال المباحثات مع ثاتشر رفضه للفكرة. وقال: «مصر ليست مالك الأرض محل النزاع. فهي تخص الفلسطينيين. ولو كان لأحد أن يقدم تنازلات فهم الذين يفعلون ذلك». ومضى مبارك يقول إنه «لو كان عليه أن يوقع على أي وثيقة (تتعلق بمفاوضات الحكم الذاتي)، فإنه يجب أن يكون قادرا على الدفاع عنها باعتبارها معقولة ومقبولة». وحذر من أنه ما لم يحدث هذا، فإن «الفلسطينيين والأردنيين لن يشاركوا أبدا في أي تفاوض، وسوف يستغل الاتحاد السوفيتي هذا القصور دليلا على خيانة المصريين للفلسطينيين». وتثبت برقية أخرى لإدارة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بالخارجية البريطانية أن الأمريكيين فشلوا في انتزاع موافقة مبارك، خلال لقاءاته بمختلف المسؤولين والكونجرس، على إعلان مبادئ لا ترضى عنه مصر. تقول البرقية «في الولايات المتحدة تعرض مبارك لضغوط لقبول إعلان غير مكتمل (جزئي) كخطوة أولى». وتكشف الوثائق عن أن الضغوط للربط بين الانسحاب الإسرائيلي من سيناء ومرونة مصر بشأن حقوق الفلسطينيين لم تكن يهودية وإسرائيلية، بل أمريكية أيضًا. قال مبارك: «قبل فترة قصيرة من زيارة الملك حسين (عاهل الأردن حينها) لواشنطن، بعثت برسالة إلى الرئيس (الأمريكي) ريجان تقول إنه لو كان يفكر في إقناع مصر بأن توافق على حكم ذاتي فلسطيني لا يشمل سيطرة الفلسطينيين على الأرض محل النقاش، فإنه سوف يضع مصر في أسوأ وضع ممكن. فهذا سوف يعني التخلي عن المصالح الفلسطينية. ونحن نشك فيما إذا كان الفلسطينيون سوف يقرون اتفاق حكم ذاتي من هذا النوع». وكان موقف مصر في مباحثات الحكم الذاتي يصر على أن يُطبق هذا الحكم على الشعب والأرض معا، بينما استمسكت إسرائيل بأن يكون الحكم على الشعب وتظل الأرض بيدها. وفي وثيقة سرية أخرى، أكدت وزارة الخارجية البريطانية أن رسالة مصر إلى واشنطن كانت واضحة وقاطعة بألا تنازل في الموقف المصري من الحقوق على المسار الفلسطيني مقابل الانسحاب الإسرائيلي من سيناء. وكان الطرح الأمريكي يؤيد موقف إسرائيل بأن مفهوم الحكم الذاتي للفلسطينيين، المنصوص عليه في اتفاق كامب ديفيد، ينطبق على الناس وليس الأرض وهو ما رفضته مصر تماما. وقالت الوثيقة: «يؤمن المصريون بأن أي مبادئ يُتفق عليها بشأن الحكم الذاتي يجب أن تكون معقولة ومقبولة». وتضيف «المصريون أثنوا هيغ عن أن يباشر، بعد زيارته الأولى لمصر، جولة مكوكية لفرض اتفاق بشأن الحكم الذاتي قبل 25 إبريل. وقد أقنع المصريون هيغ بأن الفجوة (بين الإسرائيليين والفلسطينيين) هائلة، وأن أي اتفاق يُبرم في ظل هذه الظروف سيعرّض مصر للنقد بأنها قدمت تنازلات من أجل (استعادة) سيناء». وشدد مبارك أكثر من مرة، خلال المباحثات، على أنه «لو أمكن صياغة إعلان مبادئ وإطلاق المفاوضات، فإنه يجب أن يُشرَك الفلسطينيون حينئذ في (وضع) التفاصيل، لأن هذا شأنهم هم».
التقييم المفصل
هل نسب المحرر الصور إلى مصادرها؟
نسب الصور لمصدرها
هل ذكر المحرر مصادر المعلومات الواردة بالمحتوى؟
ذكر مصدر المعلومات
تم نقل النص من المصري اليوم 2017-12-18 14:28:14 تصفح أصل المحتوى
أبرز الأخطاء
وجهة نظر واحدة
حقوق الإنسان
جيد
96%
المصداقية
وجهة نظر واحدة
96%
الاحترافية
جيد
96%
نشرة أخبار ميتر
للاطلاع على تقييمات المواقع الأكثر شعبية وأبرز الأخبار الكاذبة.
نحن نهتم بحماية بياناتك. اقرأ سياسة الخصوصية