لذلك الشهر ذكرى هى الأسوأ في حياته، ففي نوفمبر 2017 سقط العشرات قتلى أمامه بينما كان يقف على منبر «الروضة»؛ ليحدث الناس عن نبي الإنسانية، وقبل أن ينتهي نوفمبر 2018 صار للشهر ذكرى حسنة، فقد رزق بطفل كان «نبوءة أحد شهداء مذبحة الروضة»، التي سقط فيها 311 شهيدا و112 مصابا، وأسماه كذلك بحسب وصية الشهيد.
كان خطيب الروضة بين الجثث، بعدما سقط من منبره، وفي تلك اللحظات لم يكن يشغل باله سوى طفله «يوسف»، يود أن يلقي نظرة واحدة عليه، ولم يكن الصغير قد أتم حينها عاما ونصف، وفي نوفمبر العام الحالي رزقه الله بطفل آخر: «الشهر ده كان كابوس بالنسبة ليا ولزوجتي وأمي، فلما ربنا رزقني بطفل فيه، بقى ليه ذكرى حسنة، إنه رزقني بطفل، وكمان الطفل ده نبوءة شهيد».
كان مؤذن المسجد الشيخ فتحي الطناني قبل الحادث الإرهابي بفترة، يجلس مع خطيب المسجد، يتحدثان في أمور عدة امتدت حتى الحديث عن الأولاد: «قبل استشهاده بفترة، الشيخ فتحي الطناني مؤذن المسجد كان بيكلمني عن الخلفة، فقلتله إني مكتفي بيوسف»، لم يحسب خطيب الروضة أن تلك المحادثة ستتحول فيما بعد إلى نبوءة ووصية شهيد: «قاللي ربنا هيرزقك بولد قريب، ساعتها ابقى سميه ياسين».
لم تكن زوجة الخطيب فى تلك الفترة تحمل جنينا، ولم يكن ضمن تخطيط الشيخ أن يحظى بطفل عما قريب: «سبحان الله رزقني بولد، وافتكرت كلمة الشيخ فتحي وسميته ياسين زي ما قاللي». وفي صباح اليوم، في ذكرى الحادث، كان محمد يدخل مسجد روضة الشهداء، يستمع للخطبة بينما كانت زوجته في المنزل تلاعب طفليها وتسأل الله لزوجها السلامة.
كان محمد زريق عُين بمديرية أوقاف شمال سيناء في 2015، وكان نصيبه مسجد الروضة، وهناك التقى رزيق بالمؤذن فصارا قريبان من بعضهما، حتى وقعت الحادثة، فلم يكن من الطناني سوى نطق الشهادة بصوت مرتفع عدة مرات: «وكل مرة بطلع المنبر بندعي لشهداء الروضة ونقرأ لهم الفاتحة بس للشيخ فتحي محبة أكبر في قلبي».