الوطن
56%
نسبة التقييم

محافظ البنك المركزى: مصر كانت «على كف عفريت».. والدولار كان سيصل لـ300 جنيه إذا لم نُنفذ برنامج الإصلاح.. ومستعدون لنقل «التجربة» للدول الأفريقية

محافظ البنك المركزى: مصر كانت «على كف عفريت».. والدولار كان سيصل لـ300 جنيه إذا لم نُنفذ برنامج الإصلاح.. ومستعدون لنقل «التجربة» للدول الأفريقية
كشف طارق عامر، محافظ البنك المركزى المصرى، مستحضراً الأرقام والنسب المئوية، التى لم يخلُ حديثه منهما، واقع الاقتصاد المصرى، قبل وبعد البدء فى تنفيذ تجربة الإصلاح الاقتصادى فى مصر، والتى كانت بقرار جرىء وصائب من الرئيس عبدالفتاح السيسى.

وفى جلسة حوارية مُصغّرة ضمت «الوطن»، متجاوزة الساعة، قال «عامر» الذى من المقرر أن تستمر قيادته لتجمُّع صانعى السياسات النقدية فى القارة السمراء، ممثلاً لمصر لأول مرة، مدة عام، وذلك فى ختام اجتماعات جمعية البنوك المركزية الأفريقية، التى استمرت خلال الفترة من ٧ إلى ٩ أغسطس، بمدينة شرم الشيخ، إنه عند النظر إلى مؤشرات الأداء الاقتصادى، لا بد أن يتحلى الجميع بالواقعية فى تحليل الأمور، فالصورة لا يمكن أن تكون ناصعة البياض، وأيضاً لا يمكن أن تكون قاتمة السواد، موضحاً أنه عند تحسن بعض المؤشرات يجب الاعتراف بأنه لا تزال هناك مشاكل تواجه الاقتصاد، وعلى النقيض أيضاً عند حدوث مشاكل يجب التأكد أن هناك مؤشرات أخرى شهدت طفرة ملحوظة، لافتاً إلى أن تحليل الأداء الاقتصادى لا بد أن يكون منطقياً، لكى نستطيع أن نتعرف على المشاكل والتحديات التى تواجه بلدنا مصر.

وعن السياسة النقدية، أضاف «عامر»: «لا تؤخذ قرارات السياسة النقدية فى البنك المركزى المصرى بشكل منفرد، فلا نستطيع أن نُعرّض الدولة لرأى منفرد»، ولدينا إدارة قوية، وبها خبراء اقتصاديون، ولجنة السياسة النقدية تتخذ القرار بعد استعراض كل المؤشرات الاقتصادية والسياسية على مستوى العالم، ومستوى العمالة والبطالة وإنتاجية العامل، وأسعار السلع، بما فى ذلك الخضراوات والمنتجات الزراعية، والواردات والصادرات، وأسعار الصرف فى الداخل والخارج، فنحن نُجرى دراسات مستفيضة من أجل رفع أو خفض سعر الفائدة بمقدار 1%.

طارق عامر بعد تسلمه قيادة «البنوك المركزية الأفريقية»: «الرئيس السيسى» يدفع نحو تعميق العلاقات المصرية بالقارة السمراء
وتابع قائلاً: «البنك المركزى لا يستطيع أى شخص أن يأخذه فى أى منعطف لأنه يسير وفقاً لنظام مؤسسى، وقانون البنوك الجديد يفرض بعض القيود، أكثرها على سلطة المحافظ، ويمنح سلطة أكبر لمجلس إدارة البنك المركزى لكى يتم تأمين القرار المؤسسى للسياسة النقدية والرقابة على البنوك، وذلك فى سبيل الحفاظ على الاستقرار المالى والنقدى فى مصر»، ولفت إلى أن دور البنك المركزى هام للغاية ولا يجوز لشخص واحد أن يأخذه فى اتجاه ما.

وحول قرارات رفع أسعار الفائدة التى تلت البدء فى تنفيذ قرار تحرير سعر الصرف، أوضح «عامر»: «واجهنا مقاومة شديدة وآراء معارضة، ولكن أدركنا أن هذا القرار هو القرار الصائب، لأن البنك المركزى يضع نصب عينيه استهداف معدلات تضخم منخفضة، وهى واحدة من أهم أولوياته»، ولفت إلى أن اتخاذ القرارات باللجنة يتم عن طريق إجراء دراسات تقوم على تحليل دقيق لجميع المعلومات، وهو ما يتطلب المزيد من الجهد، خاصة أن المعلومات فى مصر ليست دقيقة بالشكل الكافى، مشيراً إلى أن قرار رفع سعر الفائدة جاء بالشكل الصحيح وفى الوقت المناسب، فهناك دول كسرت أسعار الفائدة بها حاجز الـ40%، ولكن «المركزى» تدارك الأمر مبكراً، موضحاً أنه لا يمكن إصلاح جميع الاتجاهات فى نفس الوقت، وعلينا أن نقوم بالتضحية لكى نتمكن من استكمال برنامج الإصلاح، واصفاً البنك المركزى بكونه «خط دفاع» يحمى البلاد، ويجب الاستثمار فيه وتعزيزه بكل الطرق الممكنة.

وأشاد «عامر» بنتائج الإصلاح، التى «جاءت بشكل أفضل من المتوقع»، مضيفاً أن الاقتصاد يعتمد بشكل كبير على «الثقة»، لافتاً إلى أن استثمارات الصناديق الخارجية فى مصر خلال عامين تجاوزت الـ38 مليار دولار، وأصبحت السندات المصرية بالخارج ذات ثقة، حيث يغطى أول إصدارها حتى 4 مرات من قيمتها.



وأوضح أن برنامج الإصلاح الاقتصادى لم يعتمد على تحرير سعر الصرف فحسب، ولكنه يُعتبر منظومة متكاملة ترتبط بإجراءات ضبط الموازنة، ومفاوضات مع صندوق النقد الدولى، إلى جانب مفاوضات لتدبير الحزمة التمويلية المطلوبة.

وزاد «عامر» أنه قبل الاتفاق مع صندوق النقد الدولى، بذل البنك المركزى المصرى جهوداً ضخمة حتى يتسنى له القيام بمفاوضات مع الدول الأجنبية، فقد قام البنك بجذب استثمارات بـ2 مليار دولار خاصة بالـ«RR) «Reserve Repo)، إلى جانب 2.7 مليار دولار من الصين، وجذب استثمار بنحو مليار دولار من دولة الإمارات، هذا بجانب الاتفاقات التى تمت مع صندوق النقد الدولى والمواقف التى قامت مصر باتخاذها فيما يخص شروط الصندوق، مضيفاً: «ذهبنا للصندوق بأنفسنا لأننا كنا فى حاجة لختم يضمن برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تتبناه مصر، ولجذب ثقة المستثمر مرة أخرى»، لافتاً إلى أن الهدف الأول من برنامج صندوق النقد الدولى هو ضبط الموازنة العامة للدولة.

وذكر «عامر» أن «المركزى» عمل على وضع سياسات تضمن عملية تدفق العملة الصعبة فى شرايين الاقتصاد، مشيراً إلى أن أبناء مصر فى الخارج هم من يقومون بضخ تلك العملات فى مصر، فقد بلغ حجم تحويلات المصريين بالخارج 26 مليار دولار، بخلاف «الكاش» الذى يحمله العائدون ولا يدخل فى الحسابات، موضحاً أنه كان لا بد من ضبط الأسواق حتى يمكن جذب تلك الأموال إلى داخل القطاع المصرفى، وهو ما تحقق بالفعل، مشيراً إلى أن أسعار الصرف أصبحت مستقرة فى مصر إلى حد ما، وذلك بخلاف الفترة التى كانت تسبق قرار تحرير سعر الصرف، ولفت إلى أن الدولار كان من الممكن أن يصل لـ300 جنيه إذا ظل السوق عشوائياً وانتهازياً بهذا الشكل، قائلاً: «مصر كانت على كف عفريت».

وفيما يتعلق بأداء برنامج صندوق النقد الدولى داخل مصر، أوضح محافظ «المركزى» أنه يعمل فى مصر منذ نحو عامين، ومنذ ذاك الحين تسير الأمور بنجاح، ولو كانت مصر رفضت منذ البداية التعاقد مع صندوق النقد الدولى، لكانت تتكبد الآن تكاليف إنشاء محطات الكهرباء، واستيراد الغاز اللازم لإدارة الأعمال اليومية داخل الدولة، حيث تحتاج مصر على سبيل المثال وقوداً بمبالغ تصل إلى 800 مليون دولار شهرياً.

وأوضح أن قرار تحرير سعر الصرف، الذى اعتمده «المركزى» فى مطلع نوفمبر من عام 2016، جاء فى نهاية المطاف عندما واجهت الدولة أزمة حقيقية فى توافر العملة، أسفرت عن معاناة شديدة فى توفير بعض الاحتياجات الأساسية، مما دفع مصر لتكبد عناء ارتفاع تكلفة بعض السلع الضرورية بدلاً من أن تتكبد عناء انعدام وجود هذه السلع من الأساس.

وتابع «عامر»: «يسجل الاحتياطى الآن ما يزيد على 44 مليار دولار، وكان من الممكن أن يكون عند مستوى أقل من هذا، فى حدود 30 أو 35 مليار دولار، ويكون فى نطاق المستوى الجيد، إلا أننا سعينا لجمع أكبر قدر من الموارد الدولارية كإجراء احترازى لمواجهة الظروف الطارئة، وسعينا للدخول تحت بند المدين طويل الأجل».

وأضاف: «يعارض البعض طرح مصر سندات دولية، لما تتحمله مصر من سعر فائدة يبلغ نحو 6%، ولكن إذا حدث وأصبحت مصر فى حاجة إلى موارد دولارية ولم تتوافر ستتكبد حينها تكلفة أكبر بكثير من ذلك»، مؤكداً أن هدف «المركزى» هو تأمين الأوضاع النقدية فى المقام الأول.

وعن القطاع الريفى فى مصر، أوضح «عامر» أن هذا القطاع كان يأخذ مسار الإنتاج والادخار فى السابق، إلا أنه حالياً دخل ضمن شريحة المستهلكين، فأحدث صدمة فى السوق، لذا ارتفع الاستيراد إلى ما يزيد على 76 مليار دولار.

واستطرد قائلاً: «بعد الإصلاح الاقتصادى شهدنا ارتفاعاً فى الصادرات المصرية بنسبة 17%، مشيراً إلى أن تحسن ذلك القطاع بالشكل المطلوب مرتبط بعدد من العناصر الأساسية الأخرى كالإنتاج والتراخيض، ومعاملة المستثمر الصغير والكبير، وكل تلك العناصر فى حاجة لإصلاح هيكلى إدارى، وذلك فى سبيل مكافحة المحسوبية والفساد والعمل طبقاً لمبادئ الجدارة والاستحقاق».

وعن نفاذ مصر للسوق الأفريقى، قال: يمكن للسوق المصرى أن يحقق نجاحاً عند دخوله فى السوق الأفريقى، ولكن ما يعيق هذا هو أن الموردين المصريين دائماً ما يتجنبون المخاطرة، على عكس الموردين اللبنانيين والباكستانيين، حيث إن اللبنانيين يعملون مع السوق الأفريقى منذ نحو 70 عاماً، والباكستانيين منذ 60 عاماً.

الواقعية فى التحليل الاقتصادى «مطلوبة» والصورة لا ناصعة البياض ولا قاتمة السواد
وعن الاجتماع السنوى للمصارف المركزية الأفريقية، أوضح «عامر» ما أشار إليه الاجتماع من وجود تلاعب من جانب المستثمرين فى مختلف بقاع العالم يتمثل فى المغالاة فى ثمن فاتورة إنشاء مصانعهم الخاصة خارج حدود وطنهم، فعلى سبيل المثال يموّل البنك إنشاء مصنع ما على أن تكلفته 10 ملايين جنيه فى حين تكلفته الحقيقية تكون مليار جنيه، وغيرها من دراسات الجدوى غير القابلة للتطبيق على أرض الواقع.

وقال «عامر» إن السياسة العامة للدولة اتخذت، خلال الآونة الأخيرة، توجهات لتعزيز وتعميق العلاقات مع الدول الأفريقية، وتُعد تلك التوجهات بمثابة سياسة عامة يدفعها الرئيس عبدالفتاح السيسى، لذا يعمل البنك المركزى المصرى والقطاع المصرفى ككل فى هذا الاتجاه، مؤكداً على استعداد «المركزى» إلى نقل تجربة الإصلاح الاقتصادى المصرية إلى الدول الأفريقية .

وأضاف «عامر» أن «المركزى» كان له دور واسع فى أفريقيا على مدى سنوات طويلة، كما أنه يمتلك خبرة كبيرة فى أفريقيا تشمل عدداً من التجمعات الدولية، وعلى رأسها «الكوميسا»، لافتاً إلى وجود المؤسسات التى تمثل مصر، ولها دور كبير فى إعطاء المشورة الفنية والخبرة الفنية، مع الدول الأفريقية، كما تستقبل مصر بعثات من الدول الأفريقية والشرق الأوسط، فنحن كبنوك مركزية لنا نقاط وثيقة الصلة فى التعاون مع بعضنا البعض.

وحول تولى مصر رئاسة التجمع الأفريقى للبنوك المركزية، قال إن ذلك «بمثابة شرف كبير وحدث يُسعد كلاً من الشعب والبنك المركزى والإدارة المصرية، ونتمنى أن نضيف شيئاً إيجابياً لهذا التجمع خلال هذا العام».

ولفت إلى أنه تم بالفعل مناقشة عدد من الموضوعات الهامة من قبَل محافظى البنوك المركزية الأفريقية، تشمل أكثر من ٢٣ موضوعاً تم عرضها على الجمعية العامة للاتحاد، لافتاً إلى أن أهم ما تم التركيز عليه يتعلق بتلك التحديات التى تواجه المؤسسات المالية والعلاقات بين المؤسسات والبنوك المراسلة والتعليمات الرقابية واستمرار زيادة الأداء لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وغيرها.

وقال إن المستهدفات المستقبلية تتضمن إنشاء بنك مركزى موحد وعملة موحدة، بحلول العام ٢٠٤٣، ونعمل فى هذا الإطار مع الاتحاد الأفريقى والبنوك المركزية صانعة السياسات النقدية، لافتاً إلى أنه تم تحديد المؤشرات المطلوبة بتفاصيلها من كل دولة، ومع توحيدها يمكن تحقيق التقدم فى الهدف الرئيسى.

خفض «التضخم» نُصب أعيننا.. وهناك دول تجاوزت أسعار الفائدة بها 40% ولكننا تداركنا الأمر مبكراً
وحول مسألة التهرب الضريبى والتدفقات المالية غير الشرعية بين الدول الأفريقية، قال «عامر» إنه من الجيد أن القواعد التى تحكم عمل البنوك المركزية معروفة، وبالطبع فالنماذج التى نفذتها الدول المتقدمة كالاتحاد الأوروبى وغيرها معروفة أيضاً، وقد شاع منذ القدم الحديث عن وحدة الدول والوحدة العربية، خاصة من الناحية السياسية، ولكن فى أوروبا بدأ الأمر من الوحدة الاقتصادية، التى شملت توحيد العملة وتوحيد السياسات المالية والنقدية، وتقريب الفوارق بين مستويات الأداء الاقتصادى، وهو تحد كبير، وأمل يصبو إليه الشعب الأفريقى.

وعن الجرائم المالية فى الدول الأفريقية، مثل مسألة «ضرب الفواتير»، وغيرها، أوضح «عامر» أنها تتشابه فى مصر وأفريقيا، ولكن الأمور أصبحت فى وضع أفضل مما سبق فى مصر، لافتاً إلى أن الحكومة تعمل على حوكمة الإدارة فى المؤسسات المسئولة عن التعامل مع التجارة الخارجية من أجل السيطرة على عمليات التهريب، فهناك تهريب بضائع لا يُدفع عنها الرسوم المطلوبة، وهو ما لا يفيد المشروعات، فلو كان هناك مشروع أبرز فاتورة مختلفة عن القيمة الحقيقية، وتم تسديد الفارق فى الخارج، فهذا يُعد نوعاً من أنواع تهريب الأموال، ولكن حالياً النظم العالمية تسعى إلى عملية التحكم فى حركة المال والحسابات والمعلومات عن حاملى الحسابات بطريقة كبيرة للإقلال من عمليات التهريب، وقد بدأ القطاع المصرفى المصرى فى تطبيق «KYC» قواعد «اعرف عميلك»، لنكون على علم بمصادر الأموال المودعة فى حسابات الادخار، أيضاً قام القطاع المصرفى المصرى بإلغاء القيود على عمليات تحويل العملات للخارج، وعلى إيداع العملة فى البنوك، حتى يطمئن المواطن المصرى والمستثمر، وهناك قانون يحمى سرية الحسابات، فلا يستطيع أحد أن يعرف بيانات عن حساب الادخار الخاص بعميل ما إلا بحكم قضائى.
تعليق المقيم
المحتوى ثري للغاية بالمعلومات من جانب المصدر (محافظ البنك المركزي)، ومن المفضل التركيز على تلك المعلومات في ملفات صغيرة وموجزة -مدعومة برسوم بيانية وانفوجراف- للتعريف واظهار المعلومات والأرقام بشكل تقريري صحيح، بعيدا عن السرد
تعليق الصحفي
No Comment
التقييم المفصل
هل نسب المحرر الصور إلى مصادرها؟
لم ينسب الصور لمصدرها
هل ذكر المحرر مصادر المعلومات الواردة بالمحتوى؟
ذكر مصدر المعلومات
جلسة حوارية مُصغّرة ضمت «الوطن»
تم نقل النص من الوطن 2018-08-13 20:49:27 تصفح أصل المحتوى
أبرز الأخطاء
تمييز
حقوق الإنسان
تمييز
0%
المصداقية
وجهة نظر واحدة
80%
الاحترافية
صورة بدون مصدر
40%
نشرة أخبار ميتر
للاطلاع على تقييمات المواقع الأكثر شعبية وأبرز الأخبار الكاذبة.
نحن نهتم بحماية بياناتك. اقرأ سياسة الخصوصية
//in your blade template