كل مهنة لها متاعبها وعوائقها ومخاطرها، وبالتأكيد يحرص الموظف أو العامل دائما في أي مهنة يمتهنها على تفادي تلك التحديات التي تواجهه في عمله، ومنها مهنة التوصيل أو الديلفري والتي أصبحت هامة في حياتنا ومنتشرة في كل المطاعم والصيدليات الكبرى التي تتعامل بشكل مباشر في بيع أو توفير سلع هامة للجمهور، ومع التطور التكنولوجي الحالي الذي نعيشه أصبح لزاماً علينا مواكبته ركب التطور وبالتالي سرعة توصيل المنتج أو السلعة للجمهور منعاً للتزاحم وخصوصاً مع انتشار فيروس كورونا المستجد، والذي يتطلب التباعد بين المواطنين منعاً لانتشار الفيروس اللعين.
وفي الفترة الأخيرة لجأت بعض الشركات الكبري لعمل تطبيقات أو ''أبليكيشن'' على الهواتف المحمولة خاصة بتوفير الديليفري أو خدمة التوصيل للمنازل، لتوفير السهولة واليسر في تلقي الخدمة للمستهلك، ولضمان عدم التزاحم في منافذ الشركة أو المطعم، ولاقت الفكرة استحساناً من الجميع سواء أصحاب الشركات أو المستهلك.
مهنة الدليفري مهنة معترف بها في المجتمع منذ سنوات طويلة، فهي مهنة خدمية في المقام الأول والمستفاد الأول دائماً هو العميل، وتظهر قيمتها دائماً في حالات الطقس السيئ، سواء في الحر الشديد أو في الأجواء قارسة البرودة وهطول الأمطار، بمكالمة هاتفية واحدة يحصل العميل على مبتغاه في غضون دقائق معدودة بدون أى متاعب.
في البداية يقول أحمد العشري صاحب مطعم شهير بمنطقة المهندسين إن تطبيقات التوصيل أصبحت حقيقة هامة وأداة لا غنى عنها في حياة المستهلكين لطلب احتياجاتهم بطريقة آمنة وبعيدة اجتماعيًا ومريحة.
وأضاف العشري خلال تصريح خاص لـ''البوابة نيوز'' أن التطبيقات الخاصة بطلبات الدليفري أصبحت منتشرة كبيرة منذ أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، مؤكداً أن الكول سينتر يساهم أيضاً في حل مشكلة التزاحم في تلقي الطلبات وتوصيلها للمستهلك، ولكنه لم يعد منتشراً ومستخدماً لدي الكثيرون مثل السابق، بسبب ما يوفره التطبيق من سرعة وإنجاز بسبب انشغال الخطوط الهاتفية في بعض الأوقات مثل الأعياد والمناسبات.
وأكد العشري أن أكثر التطبيقات المنتشرة في السنوات الأخيرة هي التطبيقات الخاصة بالطعام والتي تستحوذ على نصيب الأسد في تلقي الطلبات، يليها طلبات العلاج من الصيدليات الكبرى والمحال الكبري.
وأشار صاحب المطعم إلى أن الاعتماد الأساسي للديليفري أو ''الطيار'' يعتمد على العمولة التي يتلقاها من الزبون أو المستهلك، مضيفاً أن يتم توفير دراجة بخارية وملابس للطيار، ولابد من أن يكون لديه رخصة قيادة دراجة بخارية خاصة به، فضلاً عن امتلاك الموظف لمهارات اتصال وحوار جيدة لخدمة العملاء والزبائن بشكل جيد ولبق.
وأوضح العشري أن مسألة التأمين الصحي على حياة الطيار تخضع لمعايير كثيرة، حيث أن هناك مطاعم صغيرة مثل محلات الكشري لا تستطيع تحمل عبء مصروفات التأمين الصحي لأنها مكلفة، فضلاً عن عدم انتظام العمال في مثل هذه المحال الصغيرة، مؤكداً أن من يقومون بعمل تأمين صحي واجتماعي هي المطاعم الكبرى والمحال الكبيرة وبعض الصيدليات ذات الفروع المتعددة، حيث الاستقرار الوظيفي يكون فيها عن باقي الأماكن الأخرى التي تسعى لتحقيق أكبر عائد من الربح على حساب عامل الدليفري الذي يرضي بـ''الفتات'' على حد وصفه.
تأمين إجباري
بعد لقاء صاحب المطعم الشهير كان التطرق للحديث مع الدليفري عن التأمين الصحي ومعرفة مدى رضاءه وزملائه عن الوضع قبل التأمين الصحي وبعده، وهل هذه الخطوة تحقق الاستقرار المطلوب.
قال محمد فرغلي دليفري بأحد الصيدليات الكبري، إنه يعمل في مهنة الدليفري منذ عام 2007 أى منذ 15 عام، مضيفاً أنها مهنة صعبة وشاقة للغاية وتتطلب مجهوداً بدنياً كبيراً، فضلاً عن أعطال الدراجة النارية المتكررة.
وأضاف فرغلي خلال تصريح خاص لـ ''البوابة نيوز'' أنه يعمل بها لوقت محدد من الوقت '' بارت تايم''، ولا يعمل بها طوال اليوم، لارتباطه بعمل آخر يعينه على مصروفات بيته ومتطلباته الحياتية، لأن راتبها وعمولتها لا تكفيانه وأسرته ليعيش حياة كريمة.
وأكد الدليفري بالصيدلية أنه يواجه مشاكل كثيرة خاصة بالعملاء بشكل شبه يومي، متمثلة في غلق الباب أحياناً في وجهي، أو قد يلغي الأوردر الذي طلبه في حالة التأخير لبعض الوقت، في حين أن التأخير يكون في معظم الوقت خارج عن الإرادة وغير مقصود على الإطلاق.
ولفت إلى أن هناك الكثير من الأخطار الخاصة بمهنة الدليفري تتمثل في حوادث الطرق، من السيارات التي قد تكون موجودة بالشوارع في أماكن غير مسموح بها، وقد تحدث حركات مفاجئة أثناء سير الدراجة النارية مثل فتح باب السيارة أثناء العبور، الأمر الذي يؤدي لحدوث كارثة.
وأكد فرغلي أن الجو هو أخطر ما يواجه الدليفري حيث أن الحرارة المرتفعة تؤثر بالسلب على حالة الدراجات البخارية، وعلى المجهود البدني والصحة العامة بشكل عام نتيجة الشمس الحارقة، كما أنها قد تؤدي لتلف المنتج سواء طعام أو دواء، أما في فصل الشتاء فالبرودة أيضاً صعبة للغاية والجو يكون في شهرى يناير وفبراير قارس البرودة، ولكن العميل يحتاج إلى المنتج في أسرع وقت ولا يعبأ للمشقة التي يواجهها الدليفري أو الطيار حتى يصل إلي عنوانه.
وطالب بضرورة تطبيق التأمين الإجباري على كل من يمتهن بمهنة الدليفري، مؤكداً أن التأمين الصحي والاجتماعي هما الأداة والوقود التي تحركان الطيار، وتضمنان حقوقه الصحية والمادية، وتؤديان بطبيعة الحال إلى استقراره النفسي بمكان عمله، مضيفاً أن الأخطاء واردة من الطيار أو من الغير وبالتالي فالتأمين الصحي هو الحل الأنسب لمهنة الطيار.
مهنة الدليفري وحدها لا تكفي
بطبيعة الحال كل مهنة أو وظيفة يكون الهدف الرئيسي من شغلها هو تحقيق عائد مادي وربح يكفي لتكوين أسرة ومواجهة الحياة، فلذلك تطرق الحديث عن مدي رضاء عمال الدليفري عن العائد المادي، وهل المهنة وحدها تكفي لتكوين أسرة وتوفير حياة كريمة.
ووافقه الرأي محمد جمال 41 عاما، يعمل دليفري في أحد المطاعم السورية، مؤكداً أنه يعمل منذ 13 عام في مهنة الدليفري في العديد من المطاعم حتى وصل به المطاف إلى العمل في مطعم سوري بمنطقة الدقي.
وقال جمال خلال تصريحات خاصة لـ''البوابة نيوز'' إن مهنة الدليفري لم تعد مثلما كان الحال عليه قبل ثورة يناير، مضيفاً أن الطلبات أصبحت قليلة للغاية بسبب ظهور تطبيقات حديثة على الهواتف الذكية التي تستخدمها شريحة كبيرة من العملاء.
وأكد الدليفري أنه استبعد بعض العملاء من خريطته العملية بسبب سوء سلوكهم معه على حد قوله، مؤكداً أن الأخطاء المتكررة التي شعر فيها بإهانة لشخصه كانت كفيلة لقطع العلاقات معهم، وقد يختلقون بعض الأعذار لإلغاء الطلب مثل التأخير في حين أنه لا يتعدي دقائق معدودة، أو نقص أي منتج أو طعام في حين أنني أقوم بمراجعة الطلب قبل التوجه للعميل تفادياً للعودة للمحل مرة أخرى، على النقيض معظم العملاء سلوكهم أسوياء ويتعاملون باحترام شديد، وهم الشريحة الأكبر.
ولفت إلى أن فصل الصيف هو أصعب من فصل الشتاء بسبب ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير ومرهق للغاية، أما في الشتاء يكون الأمر شاق أيضاً بسبب البرودة الشديدة وتساقط الأمطار، ولكنه مقبول نوعاً ما عن فصل الصيف.
وأشار إلى أن رواتب مهنة الدليفري لا تكفي لفتح بيت وتكوين أسرة بسبب ضعف المقابل المادي والعمولة أيضاً، وهذا الحال على الجميع، ولذلك اضطررت للعمل في مهنة جديدة بعد الانتهاء من عملي في المطعم حتى أستطيع أن أزيد من دخلي وأعيش حياة كريمة مع أسرتي خاصة في ظل الغلاء الذي نعيشه هذه الأيام.
وأكد أن من أهم سلبيات المهنة بوجه عام التأمين الصحي على الموظفين أو عمال الدليفري، مؤكداً أنه في حالة إصابة أي طيار لا قدر الله بحادث سير قد تنتهي حياته العملية في سن مبكرة، ولن يستطيع الحصول على حقوقه من مكان عمله على اعتبار أنها إصابة عمل وهذا ليس من العدل، وبالتالي فالتأمين الصحي والاجتماعي هما أبسط حقوق الطيار.
واختتم: عدد قليل جداً يحصل على تأمين في مهنة الدليفري وهم العاملين في الشركات والمطاعم الكبرى فقط، وبالتالي يحصلون على الاستقرار ويستمرون لسنوات طويلة في عملهم على عكس الآخرين.
أصغر دليفري في مصر
من الأمور المتعارف عليها هي عمر عامل الدليفري حيث أن الشريحة الأكبر تكون من سن 20 عام حتى 40، ولكن قادتنا الصدفة لنقابل أصغر دليفري في مصر الذي لم يتعدى عمره الثانية عشر بملامحه الطفولية البريئة وصوته المهدج من إرهاق اليوم والمجهود البدني المبذول على دراجته الصغيرة.
لم يمنعه سنه الصغير من النزول والبحث عن عمل إلى أن وجد ضالته في مهنة الدليفري، بالرغم من أن عمره لم يتجاوز ال ١٣ خريفا إلا أنه مميز في عمله ونشيط، يتجه إلى عمله عند دقات الثامنة صباحا ممتطيا دراجته الصغيرة لتوصيل الطلبات للزبائن في محيط الدقي.
قال طارق حمدي 13 عام طالب بالصف الأول الإعدادي، إنه يعمل دليفري منذ شهر تقريبا بعد انتهاء العام الدراسي بحثاُ عن توفير احتياجاته اليومية ومساعدة أسرته.
وأضاف حمدي لـ''البوابة نيوز'' إنه لم يستطع توفير دراجة بخارية فلجأ إلى دراجته الصغيرة حتى يتمكن من العمل كدليفري والحصول على أموال تعينه على الحياة الصعبة، خاصة مع سنه الصغير.
وأكد حمدي أن أصدقاءه يلقبونه بأصغر دليفري في مصر، مؤكداً أن الشغل بالنسبة له ممتع بالرغم من أنه مرهق، ولكنه قرر الاعتماد على نفسه وتحقيق ذاته، مضيفاً أن أكثر ما يعيقه في مهنته هو ازدحام الطرق وخاصة في وقت الظهيرة وأوقات خروج الموظفين من شركاتهم ومصانعهم.
ولفت الطفل الصغير إلى أنه في بعض الأحيان يكون الطلب ثقيل للغاية ويتطلب منه مجهوداً مضاعفاً حتى يتم تسليمه للعميل في أسرع وقت ممكن، مؤكداً أنه قد يضطر في بعض الأحيان إلى التخلف عن الذهاب للعمل في حالة ارتفاع درجات الحرارة وهذا يكون ليوم واحد فقط، لأنه لا يملك رفاهية التغيب عن العمل، وإلا سيتم فصله.
وأوضح أن العمولة هي العامل الأساسي والمعيار الأهم لاستمراره في عمله، لأن الراتب ضئيل للغاية ولا يناسب المجهود المبذول، ولذلك فاعتماده هو وزملائه على العمولة التي يحصلون عليها من العميل.
وعن طموحه في المستقبل قال: ''نفسي اشتري موتوسيكل وأبقي زي زمايلي وأروح أوردرات بعيدة وآخد بقشيش كتير''
الدليفري كثير من الخطورة قليل من الأموال
كل وظيفة أو عمل دائما ما يتم قياسه بميزان المميزات والسلبيات، فعندما يتعلق الأمر بترجيح كفة على حساب الأخرى، من البديهي أن ترجح المميزات عن السلبيات وهو الأمر الذي يدعو للاستقرار والاستمرار في العمل ولكن مهنة الدليفري عكس هذا المبدأ، حيث أنها تحمل الكثير من الخطورة مع القليل من الأموال، ولكن يضطر الطيار للرضوخ للأمر الواقع خاصة مع ندرة الوظائف في تلك الأيام بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها.
قال وليد محمد 22 عام طالب، إنه يعمل في أحد المطاعم منذ 8 أعوام، وأنه يدرس بجانب عمله لتوفير المصروفات الخاصة به وبدراسته، مؤكداً أنه مهنة الدليفري تحتاج لنظرة من أصحاب المطاعم والصيدليات والمحال الكبري التي تعتمد بشكل رئيسي على الدليفري.
وأضاف وليد لـ ''البوابة نيوز'' أن الظروف الاقتصادية أصبحت صعبة على الجميع، فضلاً عن خطر حوادث السير الذي هو صداع مزمن في رأس كل من يعمل في مهنة الدليفري، لأن الخطر مشترك بمعنى انه ليس بالضرورة أن يحدث حادث سير من الدليفري وقد يحدث من قائد السيارة الخاصة أو الأجرة.
وتطرق للحديث عن العملاء، مؤكداً أن المعاملة في بعض الأحيان تكون جافة وسيئة، لأن الطيار يؤدي خدمة للعميل ومن أبسط حقوقه أن يحصل على الشكر ولو بكلمة على مجهوده ومشقته حتى يسلم الطلب في أسرع وقت ممكن.
وأكد أن أهم الأخطار والسلبيات للمهنة بشكل عام تتمثل في الطرق والطقس وأعطاء الدراجات النارية، مؤكداً أن خطورة المهنة تصطدم بهذه المعطيات اليومية، وكلها عوامل تشكل خطورة على حياة عامل الدليفري، فضلاً عن ضعف المقابل المادي واعتمادنا بشكل رئيسي على العمولة التي أصبحت قليلة للغاية ولا تناسب المجهود المبذول.
وأردف وليد: الدليفري مهنة من لا مهنة له، لأنها تجذب طلبة المدارس والجامعات بحثاً عن الرزق الحلال ولكنها تأخذ منهم أكثر مما تعطيهم، فهي لا تعتمد في المقام الأول على الراتب وإنما على العمولة، ولذلك لا تجذب أصحاب الأعمار المتقدمة بسبب أنها تحتاج لمجهود مضاعف عن باقي الوظائف والمهن ورواتبها قليلة جدا.
واستكمل: هناك العديد من المطاعم التي تشترط إحضار دراجة بخارية خاصة بالدليفري، وبالتالي يكون الأمر صعب وشاق، لأن الطالب يضطر إلى شراء دراجة بالتقسيط مقابل أموال قليلة، ولهذا فهي لا تستطيع أن تفتح بيت وتكون أسرة، وإن حدث فيجب أن تكون مهنة ثانوية بجانب عمل إضافي.
وطالب بإجراء تشريع مجتمعي يجبر أصحاب المطاعم والمحال الكبري على التأمين على عمال وموظفي الدليفري، لأنها مهنة خطرة للغاية وحوادثها كثيرة، وبالتالي لا يوجد بها استقرار مادي ولا إداري يجبر العامل على الاستمرار.
العمولة والظروف الاقتصادية
يمر العالم كله في هذه الفترة بمرحلة صعبة للغاية بسبب تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد والحرب الروسية الأوكرانية، وهو الأمر الذي انعكس على الظروف الاقتصادية لجميع دول العالم وليس مصر فقط، وكان من الطبيعي التحدث عن تلك الأزمة ومدى تأثيرها على مهنة الدليفري
قال خالد محمد 24 عاما، إنه يعمل في أحد مطاعم الكشري منذ 13 عام، حيث أنه يعمل منذ أن كان طالباً ليعول نفسه ويوفر احتياجاته المادية وخاصة أنه لم يضع التعليم في أولوياته منذ صغره.
وأوضح محمد خلال تصريح خاص لـ''البوابة نيوز'' أنه الظروف الاقتصادية التي نعيشها حالياً أثرت بالسلب على مهنة الدليفري، حيث أن الطلب من العملاء أصبح قليل للغاية مقارنة بالسنوات السابقة، فضلاً عن ندرة العمولة أو ضعفها، في حين أنه يعتمد عليها بشكل أساسي نظراً لضعف الراتب الشهري.
وأكد موظف الدليفري أن العملاء أصبحوا متعبين للغاية ومشاكلهم لا تنتهي، ودائما الزبون على حق، مؤكداً أن هذا خطأ كبير ولا يحقق مبدأ العدل، لأنه لا يوجد شخص لا يخطئ، مضيفاً أن هناك العديد من الأخطاء الشائعة من العملاء وهي غلق هواتفهم المحمولة، وهذا الأمر يحدث كثيراً، واضطر إلى العودة للمحل مرة أخرى لعدم تمكني من تسليم الطلب، وأيضاً قد يطلب العميل طلب له وهو غير موجود بمنزله، وعند التوجه إليه لا أجده.
وأشار إلى أن هناك العديد من السلبيات في مهنة الدليفري منها ازدحام الطرق ودرجات الحرارة التي قد تؤدي إلى تلف الطعام أثناء التوجه لأماكن بعيدة، فضلاً عن التعامل السيئ لبعض العملاء والتحدث بتعالي معي بدون سبب واضح، وأيضاً من المشاكل المتكررة للعملاء هو تركي فترة من الوقت قبل إحضار ثمن المنتج، أو إعطائي نقود لا تصلح على الإطلاق.
وأكد محمد أن أعطال الدراجات النارية من أكثر المشاكل المؤرقة لعامل الدليفري لأن معظم الدراجات في المطاعم والصيدليات عفى عليها الزمن وبالتالي تكثر أعطالها، وهذا يؤدي إلى التأخير على العميل وهو الأمر الذي لا يتقبله العميل على الإطلاق وقد يطلق وبائل من السباب في وجه الطيار في بعض الأحيان وقد تتطور الأمور وتتفاقم ويحدث اشتباك لفظي .
ولفت إلى أن مهنة الدليفري صعبة للغاية سواء في الصيف أو الشتاء، وأنها لا تصلح إلا للشباب فقط، لأنها تتطلب مجهود كبير ومقاومة لدرجات الحرارة العالية في الصيف وقسوة البرودة في الشتاء، في حين أن العميل ينتظر الطلب بأقصي سرعة متناسياً ومتجاهلاً الصعاب والمشقات التي تواجه الطيار.
واختتم حديثه مؤكداً أنه سيترك مهنة الدليفري عند تقدمه في العمر لأنه سيبحث عن مهنة غير شاقة وليست مرهقة، لأن عمله يتطلب منه في كثير من الأوقات الصعود لأدوار مرتفعة ليس بها أسانسيرات أو غير مسموح بها سوي لأصحاب العقار فقط، فضلاً عن التجول لمسافات طويلة في النوادي لأنهم يمنعون دخول الدراجات النارية.
موت وخراب ديار
الحديث دائماً عن الجانب المادي لا ينتهي فكل إنسان يحرص دائماً على الحصول على أعلى راتب ممكن نظير الخدمة التي يقدمها، ولذلك تحدث حركة تنقل العمال والموظفين بين المطاعم والشركات، فالمعيار الأهم لعامل الدليفري هو الاستقرار بعد تحقيق الجانب المادي المرضي بالنسبة له لتأمين مستقبله
قال إسلام فتحي 21 سنة، إنه طالب ويعمل في مهنة الدليفري في ''طلبات'' منذ عام ونصف، مؤكداً أنه يعمل حوالي 10 ساعات يومياً، ويحضر يوم واحد فقط في معهده حتي يستطيع توفير وتلبية احتياجاته اليومية لاستكمال دراسته.
وأضاف فتحي خلال تصريح خاص لـ''البوابة نيوز'' إن ما يميز ''طلبات'' عن باقي أماكن الدليفري هو المرونة حيث أنها لا تقيد العمال وتمنح الطلاب فرصة العمل أثناء الإجازة أو في أوقات الدراسة وتطلب منهم توفيق أوضاعهم وأوقاتهم لتناسبهم وهذه ميزة هامة جداً أتاحت الكثير من الفرص للعديد من الطلاب وأنا منهم.
وأكد فتحي أن ''طلبات'' لا تمنح أى راتب لعمال الدليفري ولكنها تعطيهم نسبة 14 جنيه على الطلب الواحد، وهذا مبلغ زهيد للغاية ولكنه أفضل من البطالة.
وأوضح عامل الدليفري أن المهنة بها العديد من السلبيات من أهمها الأماكن البعيدة التي قد تشكل خطراً في بعض الأحيان على الدليفري خاصة في الأوقات المتأخرة من الليل، لأنها قد تشكل خطراً على حياة الدليفري أو الدراجة النارية بسبب وجود بعض قطاع الطرق أو البلطجية.
وتابع: حدث مع زميل لي أنه تعرض لضرب مبرح وتم الاستيلاء على جراجته البخارية عنوة، وتم عمل محضر بالقسم ولكن اللصوص تمكنوا من تغيير ملامحها واستبدلوا لوحاتها المعدنية، واضطر لترك العمل بعد ذلك وبالتالي كانت الخسارة مضاعفة، أي ''موت وخراب ديار''.
حادث سير
وبعد عدة لقاءات فضلت التحدث عن عنصر الأمان لعمال الدليفري وهل هناك خطورة حقيقية حقيقية قد تواجههم أثناء سيرهم بالشوارع أم أن ما يحدث هي حالات عابرة ولا تعبر عن الواقع، أم أنها من أخطاء فردية وقد يتم تلافيها بقليل من التركيز والحرص أثناء القيادة
قال محمد لطفي 37 عاما، إنه يعمل دليفري في أحد المطاعم اليمنية بمنطقة وسط البلد، إنه يعمل دليفري منذ عام ونصف تقريباً، مؤكداً أنها تعد التجربة الأولي له على الإطلاق.
وأضاف لطفي لـ''البوابة نيوز'' أن مهنة الدليفري صعبة وشاقة للغاية ومحفوفة بالمخاطر بسبب حوادث السير اليومية بسبب ازدحام الطرق وتكدس السيارات ليل نهار، وهذا يحمل في طياته خطورة مستمرة على حياة عامل الدليفري.
وأكد لطفي أن تأخير الدليفري عن موعده دائماً خارج عن إرادته لأن هناك العديد من المعوقات التي تؤخر موعد وصوله مثل الازدحام والمرور والطقس السيئ وغيرها من العوامل التي تحتاج إلى الصبر من العميل وتقدير الموقف والتماس الأعذار للطيار.
ولفت لطفي إلى أن ارتفاع درجات الحرارة هو من أكثر الأمور صعوبة على الطيار لأن الجسم يواجه حالة إرهاق شديد نتيجة التعرق وجفاف الجسم، فضلاً عن الحرارة المرتفعة من الدراجة النارية وكلها عوامل سلبية تؤثر على صحة الدليفري والمنتج أيضاً وخاصة لو كان طعام.
ولفت لطفي إلى أنه تعرض لحادث سير أثناء فتح إشارة المرور من سيارة خاصة، الامرل الذي أصابه في ذراعيه الإثنين، وترك أثراً منذ شهور وحتى اليوم على حسب كلامه.
واستكمل: المطعم اليمنى تحمل تكاليف علاجي كاملة بعد التأكد من أنها إصابة عمل ولا دخل لي فيها، مضيفاً أن بعض أصدقاءه في أماكن |أخرى تعرضوا لحوادث سير مشابهة ولكنهم لم يتحصلوا على أية تكاليف على الإطلاق واضطروا لترك العمل والبحث عن مصدر رزق آخر.
واختتم حديثه مؤكدا أنه يتمتع بميزة التأمين الصحي والاجتماعي وهو الأمر الذي جعله يشعر بالاستقرار ويستمر لعام ونصف العام، فضلاً عن الراتب المرضي بشكل كبير وهو ما كان يسعي إليه لتأمين مستقبله وتكوين أسرة في ظل الظروف المعيشية الصعبة.
عدم التقدير
المعاملة هي المعيار الأساسي في أى وظيفة بالمجتمع، لأن الدين المعاملة، وكل إنسان يتعامل مع الجمهور مباشرة يحرص أن يعامل بشكل لائق وإنساني حتى يقدم الخدمة بحب ويكون هناك احترام متبادل بينه وبين العميل، وهذا ما يسمى بالتقدير المعنوي
قال محمود أحمد 43 عاما، إنه عمل دليفري في العديد من المطاعم على فترات مختلفة من عمره، ليزيد من دخله، مؤكداً أنها ليست المهنة الأساسية بالنسبة له، ولكنها ثانوية فقط.
وأكد أحمد أن أكثر السلبيات التي يواجهها في مهنة الدليفري تتمثل في عدم تقدير العميل للمجهود المبذول لأن عمله يعتمد على الثانية في تسليم الطلب وغير مسموح بأى تأخير على الإطلاق على الرغم من وجود معوقات كثيرة جداً في الطرق والطقس وأخطاء الآخرين قد تحول بين تسليم طلب العميل وإنجاز المهمة وبين عامل الوقت والسرعة.
ولفت موظف الدليفري لـ ''البوابة نيوز'' أنه مهدد طول الوقت للتعرض لحادث سير، مضيفاً أن قائدي السيارات الأجرة والخاصة هم الأكثر ارتكاباً للأخطاء دائما ولا يعبأون للآخرين على الإطلاق، وأكثر الحوادث تحدث بهذا الشكل.
وأشار أحمد إلى أن راتبه جيد مقارنة بباقي الأماكن الأخرى، كما أن ممنوع أن يتحصل على أى عمولة، إلا في حالات لو كانت على إحدى المحافظ الالكترونية الخاصة بشركات الاتصالات فقط، مضيفاً أن ذلك مرضي إلى حد ما، لأنه دائماً ما يكون عند حسن ظن الجميع سواء المدير أو العميل، لأن هذا توفيق من الله عز وجل.
وطالب بضرورة عمل تأمين صحي على العمال في باقي المطاعم والمحال الكبري لأنها تحقق مبدأ العدالة، لأنهم الأكثر عرضة للمخاطر بشكل يومي، وعند التأمين الصحي والتأمين على الحياة يتحقق الاستقرار وبالتالي تكون الحالة المعنوية للطيار أو الدليفري مرتفعة للغاية ويعمل في مناخ صحي جيد.
مطلب جماعي
بعد لقاء شرائح مختلفة من موظفي الدليفري كان من الطبيعي لقاء مشرف على مجموعة من الطيارين للحديث عن مدى رضا العمال الذين يقودهم وعددهم 18 موظف دليفري (طيار) في أحد الهايبرات الشهيرة في مدينة نصر
قال محمد سالم 45 عام، إنه يعمل كمشرف للطيارين منذ 7 أعوام، حيث أنه كان يعمل دليفري لمدة 12 عام، وتدرج حتى وصل إلى المشرف، مؤكداً أن المسئولية كبيرة جداً وتقع على عاتقه بالكامل، لأنه هو من يقود ويدير المجموعة بالكامل.
وأوضح سالم أن كل المشكلات والمصاعب التي يواجهها الطيار أثناء رحلته إلى العميل هو من يقوم بحلها بشكل فوري سواء في الأعطال أو العناوين الخاطئة، مضيفاً أنه دائما متاح للجميع ويوجه نصائحه سريعاً حرصاً على عدم تأخير أى طلب للعميل.
وأكد سالم أن هناك طلب جماعي لجميع عمال الدليفري وهو إنشاء نقابة أو شعبة داخل نقابة خاصة بعمال الدليفري تكون مهمتها الرئيسية إلزام المطاعم والمحال والصيدليات بعمل تأمين صحي واجتماعي على الطيار حتى يتحقق الاستقرار المطلوب.
وأوضح المشرف أن مهنة الدليفري مثلها مثل المهن الأخرى بها عيوب ومميزات، مؤكداً أن من يعمل بها يتعلق بها لأنها تتيح للطيار التعامل المباشر مع الجمهور في أماكن مختلفة، وقد تنشأ صداقات في بعض الأحيان.
وأكد أن الطقس والزحام المروري هما العدو اللدود دائما وأبداً للطيار، فضلاً عن حوادث السير التي تحدث بشكل كبير على الطرق السريعة وقد تنهي حياة الدليفري أو تصيبه بعاهة مستديمة لا قدر الله، وهو من المسلمات في وظيفة الدليفري، لأن الخطأ وارد من قادة السيارات بالشوارع.
اختتم المشرف حديثه مطالباً كل الجهات التي تستعين بعمال الدليفري ضرورة التأمين على حياتهم وعمل صيانة دورية للدراجات البخارية، والحرص على توزيع العمل على الطيارين في حالات الطقس السيئ لتحقيق مبدأ الشفافية، وأخيراً عمل دورات تثقيفية وإرشادية عن طريق الاجتماعات الدورية التي تكون بمثابة النصائح والإرشادات والتوجيهات.
لمشاهدة الفيديو والصور برجاء الإطلاع على الموقع الأصلي: