إعلانات شراكة تواصل معنا

خطر الاستهانة بالأرقام.. الصحفيون وأمية الرياضيات

10/08/2021 |

5 دقائق للقراءة |

كتابة: AkhbarMeter |

التصنيف: المهنية الإعلامية

خطر الاستهانة بالأرقام.. الصحفيون وأمية الرياضيات

يعتبر هذا الخبر صادم للبعض، ولكن كصحفي/ة أنت بحاجة إلى الرياضيات!

تتمثل الرياضيات لأغلب الصحفيين في كونها بُعبعًا، بل وقد تجد أن من أحد أسباب اختيار أحد الصحفيين لمجال الصحافة، هو الفرار من التعامل مع الرياضيات.

وأسباب ذلك غير واضحة تمامًا، ولكن من الممكن أن يعود ذلك إلى الأفكار والأحكام التي نتلقاها في الصغر من الآباء والمدرسين، بأن هناك طفلًا ما ذكيًا في الرياضيات وآخر ليس بالمستوى نفسه وليس له مستقبلا فيها، بل وربما يهمش بعض المدرسين أطفال معينين، من حيث الشرح والاهتمام، لأنهم لا يوحون بأنهم نابغون في هذه المادة، وهذا يؤدي إلى نفور البعض من هذه المادة وتجنبهم لها في الكبر.

ويظن الكثيرون أن التخصص في مجال الصحافة، يعتبر أحد السبل للهروب من الرياضيات، وهذا غير صحيح على الإطلاق لعدة نقاط، تبين ضرورة المعرفة بأساسيات الرياضيات:

على الأغلب لا بد أن تحتوي الأخبار الصحفية على أرقام مثل؛ إحصائيات، أو تقارير مالية، أو معدلات جريمة…إلخ.
قد يمرر المصدر بقصد أو بدون، أرقام وإحصائيات خاطئة، ويفشل الصحفي في الانتباه لها والتأكد منها، لجهله بالرياضيات.
خطأ الصحفي في حساب بعض الأرقام والإحصائيات؛ يؤدي إلى تشويه الحقائق، وخسارة الصحفي لمصداقيته أمام جمهوره.
تعلم الصحفي للرياضيات، يفوق أهمية تعلم لغة جديدة، لأنها لغة عالمية يستخدمها جميع الأفراد.
في حال نشر مؤسسة أو وكالة إعلامية ما لخبر يتضمن أخطاء في الأرقام، غالبًا يقوم الصحفي بإعادة نقلها كما هي دون الشعور بوجود خطأ.
يكسب تكرار تداول خطأ حسابي أو رقمي ما، في أكثر من وسيلة إعلامية، قوة يستطيع بها التأثير على الحقائق الفعلية وتهميشها، كما يساهم في تضليل الجمهور، وأحياناً في نشر الذعر (إذا تعلق بإحصائيات عن مرض ما على سبيل المثال).

وتكمن المشكلة وراء تصديق الصحفيين بأنهم غير مطالبين بمعرفة أساسيات الرياضيات أو غير مؤهلين لمراجعة الأرقام في أخبارهم؛ في ترسيخ فكرة أن دور الصحفي هو نقل المعلومات والإحصائيات كما تريدها الشركات والمؤسسات الحكومية أو الخاصة فقط، دون تدقيق وفحص، وهذا بالطبع يؤثر على جودة العمل الصحفي.

تلخص قصة الصحفي "جون كرودسون" أهمية استخدام الرياضيات والأرقام في الصحافة، لأنها قد تساعد في إنقاذ العديد من البشر:

وترجع أحداث هذه القصة إلى أواخر الثمانينيات، عندما شعر "جون كرودسون" بوعكة صحية على متن إحدى الطائرات، طالب طاقم الطائرة من الركاب بالتقدم للمساعدة إذا كان أحد منهم طبيبًا، وهذا ما جعل "كرودسون" يتساءل عن مدى جاهزية الطائرات للتعامل مع الحالات الصحية الحرجة.

لذلك قام بإحصاء عدد المتوفين على متن الطائرات الأمريكية كل عام، ووجد أن الكثير منهم قد لقوا حتفهم حتى مع وجود أطباء، بسبب غياب أجهزة وأدوية طبية أساسية للطوارئ.

وبعد أن قام بحساب تكلفة المعدات الطبية الضرورية للطائرات، كانت النتيجة هي 65 مليون دولار على مدى 10 سنوات (بمعدل 4,100 دولار لكل طائرة)، وهذا يتطلب زيادة طفيفة فقط في أسعار تذاكر الطيران بمعدل 2 سنت أمريكي للتذكرة الواحدة.

الآن أصبح من الضروري وجود هذه المعدات بشكل أساسي على متن الطائرات في جميع أنحاء العالم، وهذا يعود لعدة أسباب منها مجهودات هذا الصحفي.

ويجب على الصحفي الانتباه أن لتعلم وإتقان أساسيات الرياضيات فوائد إضافية أخرى، مثل:

حين يدقق الصحفي في الأرقام ويستطيع التعامل معها وفهمها، سيكون خداعه من قبل المصدر أو الإحصائيات المزورة أمرًا صعبًا.
تعتبر الرياضيات مفتاحًا لفهم الأرقام، كما يعتبر تعلم اللغات مفتاحًا أساسيًا لفهم الكلمات.
الأرقام والنسب المئوية هي عناصر أساسية تساعد الجمهور في استيعاب بعض القصص (كنسبة ذوبان الجليد في قطبي الكرة الأرضية، ومعدل انتشار عدوى مرض ما).
قد يقود التدقيق الصحيح في الأرقام والإحصائيات بالصحفي إلى قصة مهمة، ليس كان بمقدوره اكتشافها بدون إلمامه بالرياضيات.

في النهاية، علينا جميعًا دحض فكرة أنه من المقبول لأي صحفي أن يكون غير ملم بأساسيات الرياضيات، وبالأخص أن السبيل إلى ذلك ليس صعبًا، وفيما يلي سنسرد بعضًا من النصائح تساعد في تعلم واستعمال الرياضيات في القصص الصحفية:

تعليم الرياضيات كمادة أساسية في كليات الصحافة، وتوفير تدريب لائق للصحفيين بالمؤسسات على أساسيات الرياضيات المهمة لهم.
استخدم أمثلة ومقارنات من الحياة الواقعية، لتقديم المعلومة التي يتضمنها رقم أو إحصائية ما بشكل مبسط للجمهور، على سبيل المثال: ("وهذا يقارب حجم ملعب كرة قدم" / "وذلك يقدر بسكب ملعقة صغيرة من الماء في بحيرة كبيرة").
تدعيم الأرقام وشرحها بواسطة الإنفوجرافيكس، والرسوم البيانية، والجداول، لأنها تسهل وصول وعرض المعلومات لجمهورك، وتجعل قصتك مثيرة أكثر للاهتمام.
في بعض القصص لا تكتفي برقم أو إحصائية واحدة فقط، وحاول أن تنظر على المشهد بمنظور أوسع، بمعنى أن تراجع البيانات المتعلقة بهذا الموضوع على مدى سنين متعددة وتراقب إذا كان هناك تغيير مفاجئ كبير أو غير طبيعي، لأن هذا قد يشير إلى خلل أو فساد ما.
عند استضافة خبير أو مصدر يتحدث عن مسائل رياضية تجد من الصعب فهمها، لا تقل مثلًا "عذرًا فأنا كصحفي لا أتعامل مع الرياضيات"، بل اطلب منه أن يتحدث باستفاضة وبشرح أوفر، لأنك تريد أن تعرض المعلومات بشكل دقيق وصحيح.
من الضروري تعلم أساسيات الرياضيات المهمة التي تستخدم في معظم الأخبار والقصص الصحفية؛ كطريقة كتابة الأرقام بصورة صحيحة، ومعرفة حساب المعدلات والنسب المئوية.
يجب على الصحفي التمرن باستمرار على الرياضيات من خلال الألعاب والأحجيات والاختبارات، وعليه أن يستمر في تعلم أساسياتها، وهناك العديد من الموارد المتاحة على الإنترنت لذلك مثل JOURNALIST’S TOOLBOX.