يرص حجر «المعسل» على الشيشة، وينهمك فى التدخين غير عابئ بالدخان المتطاير من حوله فى كل أنحاء المقهى، الذى يمتلكه فى منطقة الجيزة. يدخّن فاروق زكى عبدالرحيم حجراً تلو الآخر، يسعل بقوة ويكاد وجهه ينفجر احمراراً، ثم يواصل سحب أنفاس عميقة، ويطرد الدخان من فمه وأنفه، وكأنه يخرج آلامه وأحزانه معه. «الحياة صعبة ومتعبة، ومش حلوة»، يقولها صاحب الـ٧٥ عاماً، الذى يدخّن ما يزيد على ١٥ حجراً فى اليوم، حيث يتّخذ من الشيشة صديقاً له، ينسى وقته بجانبها، ويبوح لها بأحزانه، بل لا يبالى بالتعب المترتب عنها على صحته.
مقهاه بات لا يصلح لاستقبال الزبائن، بسبب الأرضية غير المستوية، والبلاط المتهدم والمياه والأتربة التى تغطيه، والجدران المتهالكة، فيقوم بإعداد طلبات الزبائن، ثم يوصلها إلى محالهم بنفسه، ويعود مسرعاً للشيشة، التى تونس وحدته. يعمل «عم فاروق» فى المهنة نفسها منذ كان عمره 14 عاماً، ويفرح برؤية الناس يومياً: «باشتغل من وقت ما كنت باوصل كوباية الشاى بـ3 تعريفة، ودلوقتى مش باحلم بحاجة خالص، هابقى عايز إيه تانى من الدنيا».
تقدم عمر «فاروق» لا يتناسب مطلقاً مع عادته غير الصحية، مما دفع شاباً، قصد المقهى لشرب كوب شاى، إلى تقديم نصيحة له بالتوقف عن التدخين، فكان رده: «الطلب الأول بتاع الشاى موافق عليه، وهاوصله لحد محلك، أما الشيشة، فعمرى ما هابطلها. غصب عنى، أصلى باطلع فيها همى وتعبى». وبجانب تدخين الـ15 حجراً فى اليوم، يشرب صاحب المقهى نحو 5 أكواب شاى يومياً، ولا يعمل بكامل طاقته فى الوقت الحالى، لكنه مضطر للعمل: «قلة الفلوس تخلينى أشتغل، وأفضل طول اليوم رايح جاى أقدم الطلبات للزباين فى المحلات، مع أن رجلى مش شايلانى».